فأجاب ساخرا: قضيت على الزجاجة السادسة. - ستقتل نفسك. - اسمع، كلمة أخيرة. - نعم؟ - قل «أنا مرة». - لا يرضيك ذلك. - يرضيني كل الرضا، وهذا شرطي لكي أترككم تفتحون.
فصاح مانولي: أنا مرة. - أنت مرة بلا شرط، ولكن على الضابط أن يقولها. - عيب يا أحمد!
وقهقه طويلا، ثم صاح بلهجة آمرة: اهتفوا بحياتي.
وانقضت دقيقة من الصمت، ثم دوت عاصفة من أصوات الغلمان والأهالي: «ليحي أحمد عنبة!» وتواصل الهتاف، فوثب إلى أرض الحانة وراح يرقص في زهو وابتهاج، ودار في الفراغ المحدود، فدارت معه المقاعد والمناضد والسقف والدنيا جميعا. وانفتح الباب فجأة في غفلة منه وانقض الجنود، ووقف يترنح بين أيديهم القابضة على جلبابه وساعديه وعنقه. ورغم ذلك كله، ألقى على الجميع نظرة سلطنة متعاظمة، كأنما هي هابطة من السماء، وقال بنبرة ثقيلة نائمة، كأنها مسجلة بالتصوير البطيء: ليس معي عود كبريت واحد.
جنة الأطفال
- بابا. - نعم. - أنا وصاحبتي نادية دائما مع بعض. - طبعا يا حبيبتي، فهي صاحبتك . - في الفصل، في الفسحة، وساعة الأكل ... - شيء لطيف، وهي جميلة ومؤدبة. - لكن في درس الدين، أدخل أنا في حجرة، وتدخل هي في حجرة أخرى!
لحظ الأم فرآها تبتسم رغم انشغالها بتطريز مفرش، فقال وهو يبتسم: هذا في درس الدين فقط. - لم يا بابا؟ - لأنك لك دين، وهي لها دين آخر. - كيف يا بابا؟ - أنت مسلمة وهي مسيحية. - لم يا بابا؟ - أنت صغيرة، وسوف تفهمين فيما بعد. - أنا كبيرة يا بابا. - بل صغيرة يا حبيبتي. - لم أنا مسلمة؟
عليه أن يكون واسع الصدر، وأن يكون حذرا، ولا يكفر بالتربية الحديثة عند أول تجربة.
قال: بابا مسلم وماما مسلمة، ولذلك فأنت مسلمة. - ونادية؟ - باباها مسيحي وأمها مسيحية، ولذلك فهي مسيحية. - هل لأن باباها يلبس نظارة؟ - كلا، لا دخل للنظارة في ذلك، ولكن لأن جدها كان مسيحيا كذلك.
وقرر أن يتابع سلسلة الأجداد إلى ما لا نهاية حتى تضجر وتتحول إلى موضوع آخر، ولكنها سألت: من أحسن؟
نامعلوم صفحہ