اليمامة مؤلفة من مقاطعتي العارض والخرج الحاليتين، ومقاطعة الخرج من أخصب مقاطعات نجد، فالماء مبذول فيها وهو على عمق بضعة أمتار تحت الأرض، ولما كانت أرضا منخفضة تنصرف إليها مياه الأمطار من الجبال والهضاب التي تحيط بها ومدينة اليمامة - العاصمة القديمة - واقعة فيها، ويدعي كثير من الجغرافيين بأن أرض اليمامة القديمة هي مقاطعة الخرج الحالية، وهذه المقاطعة واقعة في جنوب شرقي العارض ويحدها من الشرق وادي حنيفة، وعلى إحدى شعبه اليمنى بنيت مدينة اليمامة. ولا تزال مقاطعة الخرج من أكثر المقاطعات النجدية نفوسا، وفيها مراع خصبة وبساتين نخل كثيرة.
ويحد المنطقة التي جرت فيها الحركات من الشرق هضبة العرمة، وهي الهضبة المرتفعة المشرفة على الدهناء، ومن الغرب الأنفدة الموازية لسلسلة طويق، ومن الشمال مقاطعة القصيم، والمنطقة جبلية تعد من أوعر مناطق نجد من حيث الوديان والمضايق والروابي والآكام.
وتمتد جبال طويق في وسط المنطقة من الشمال إلى الجنوب وهي حجرية كلسية جرداء متموجة تتألف من سلسلتين متوازيتين وسفوحها الغربية منحدرة، أما سفوحها الشرقية فقليلة الانحدار. ويبلغ ارتفاعها زهاء ستمائة قدم على الهضبة الغربية، وتمتد الجبال من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وتنكسر في الوسط وتغير اتجاهها إلى الجنوب فالجنوب الغربي، فتنتهي إلى وادي الدواسر.
وفي المحل الذي تنكسر فيه تجري الوديان من الشرق إلى الغرب وتصب في وادي حنيفة، وهذه الوديان ضيقة وعرة في محل الانكسار؛ حيث ترتفع سفوحها الشمالية والجنوبية بانحدار شديد.
وتتصرف مياه الأمطار التي تهطل على الجبال إلى الشرق والغرب في الوديان والشعب، فمنها ما يصب في وادي حنيفة، ومنها ما يكون وادي الخفس وشعيب العتش؛ حيث ينصرف مياهها إلى الدهناء، ومنها ما يصب في مقاطعة الوشم ويسقي منخفضاتها، ويكون واحاتها الخصبة. والشعيب الذي يكون وادي الخفس ينبع من جنوبي ثادق ويجري نحو الجنوب إلى الحريملة، ومنها يتوجه شرقا.
وهذا الشعيب ووادي حنيفة يقسمان الجبال إلى سلسلتين؛ الغربية منهما مرتفعة ووعرة وهي طويق، أما الشرقية فمنخفضة ولطيفة الانحدار، وهي روابي العارض في الشمال وجبل صلبوخ في الوسط والجبيل في الجنوب، وأما وادي الحنيفة (وهو أعظم واد في هذه المنطقة) فقد سميت القبائل الساكنة على جانبيه باسمه، وصدره في الأرض الفاصلة بين العارض من جهة والمحمل والسدير من جهة أخرى، ويبدأ الوادي في ثنية اليمامة في شرق خشم الحيسية، ويتكون من عدة شعب تجري من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال، فيستمد الوادي ماءه منها فيجري من الغرب إلى الشرق، وفي جوار عقرباء حيث نشبت المعركة الفاصلة بين جيش خالد وجيش مسيلمة، يغير الوادي اتجاهه فيجري من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي في واد يضيق في بعض المحلات، ويعرض في البعض الآخر وهو شديد الوعورة في الشمال وسهل المجرى في الجنوب، وعلى حافتي الوادي شيدت القرى والمدائن؛ حيث استقيت المياه المنصرفة إليه وزرعت البساتين حولها، والوادي في هذا القسم يتغذى بعدة شعاب ينصب أكثرها من السفوح الغربية.
وفي محل انكسار سلسلة طويق تصب فيه عدة وديان؛ بحيث إنها تغير اتجاهه في جوار السليمية واليمامة فيتوجه نحو الشرق فالجنوب الشرقي إلى أن ينتهي في رمال الربع الخالي.
وكان من وصايا أبي بكر إلى خالد بن الوليد أن يأخذ الحيطة عند الهجوم على أهل اليمامة. وكان الخليفة محقا في هذه الوصية؛ لأن أهل اليمامة سكان القرى المبنية في الوديان ضيقة وعلى سفوح الجبال الوعرة بنوا دورهم بالحجارة وسوروا قراهم بالجدران، وأنشئوا الحدائق بالقرب من قراهم، وزرعوا فيها النخيل والأشجار ، وأحاطوها بالحجارة ليمنعوا المارة من دخولها، أو ليعتصموا بها عند الحاجة.
فأهل اليمامة إذن لا يشبهون أهل البادية في القتال، فهم معتصمون بجبالهم المنيعة، ومعتزون بقراهم المتينة وحدائقهم المستحكمة. ولا تزال آثار هذه القرى ظاهرة في تلك الأنحاء.
وهذه القرى كثيرة ومنتشرة على طوار وادي حنيفة، وفي مقاطعة الخرج، وفي الوديان والمنخفضات والواحات.
نامعلوم صفحہ