فنظام القتال عند اليونان كان مستندا إلى «الفيلق» (الفلانكس)، وهو وحدة تعبيرية يبلغ متوسط قوتها 4000 مقاتل، يصطف الجنود فيها على ستة عشر صفا، طول كل صف 256 مقاتلا، والجنود في «الفيلق» (الفلانكس) من المشاة مسلحون بالرمح والسيف والحربة والمغفر والدرع والترس، ويتكون «الفيلق» من القلب ويقف في الخط الثاني الذي يسبقه الخط الأول المؤلف من الرماة، ويليه الخط الثالث، وتقف الخيالة في الميمنة والميسرة لحماية الأجناب.
ويتألف الجيش عادة من أربعة «فيالق» (فلانكسات) متى تيسرت القوة فيه. فتقف «الفيالق» جنبا إلى جنب، وبينها فاصلات صغيرة تتراوح بين عشرين أو أربعين خطوة.
وكان هذا النظام لا يصلح للقتال إلا في الأرض السهلة المنبسطة، والمقدرة على الحركة فيه قليلة، ولا يستطيع تغيير الجبهة متى اقتضى الموقف ذلك، فضلا عن أنه معرض للخسارة إذا أصيب برمي السهام.
أما نظام القتال عند الرومان فكان مستندا إلى «اللجيون»، وهذا ينقسم إلى الكراديس ومجموعها عادة عشرة، وكانت الكراديس سابقا تعبأ على خطين، كل خمسة منها في نسق وبينها فاصلة جهة كردوس، على أن تقف كراديس الخط الثاني وراء فاصلات الخط الأول.
ثم تطور هذا النظام في عهد يوليوس قيصر، فكان اللجيون يقف على ثلاثة خطوط: في الخط الأول أربعة كراديس، وفي كل من الخطين الباقيين ثلاثة، وتبلغ قوة كل كردوس ألف مقاتل.
وتؤلف الكراديس القلب، ويقف أمامه الرماة الذين يرمون العدو بسهامهم أو بحرابهم قبل الاصطدام، ثم ينسحبون إلى المجنبات، أما الخيالة فتحمي المجنبتين.
وكان نظام الكراديس يفوق نظام «الفيلق» (الفلانكس) في المقدرة على القتال والحركة والسير بسهولة، وكان في استطاعة الكراديس أن ينجد بعضها بعضا.
والجانب في اللجيون قوي بخلاف جانب «الفيلق» (الفلانكس)؛ لأن كراديس الجانب متى غيرت ناصيتها استطاعت أن تقابل العدو الملتف حولها.
وسار الروم أو البيزنطيون في قتالهم على نظام الكراديس؛ فأخبار الفتوح الأولى تدل على أنهم كانوا يعبئون قواتهم كراديس ويحمون مجنبتهم بالميمنة والميسرة. وكانت قوة الجيش تختلف باختلاف عدد اللجيونات وتقف على خط واحد، فإما أن تؤلف القلب فتؤلف الخيالة وحدها الميمنة، وإما أن تؤلف القلب والميسرة والميمنة، وتكون الخيالة على الجانبين.
وإذا كان عدد اللجيونات كثيرا يحتوي القلب عادة على أكثرها، وقد زادت قوة الخيالة على ما كانت عليه في زمن الرومان؛ ذلك لأن الأقوام المتوحشة التي هاجرت من آسيا ودخلت أوروبا باغتت رومية بجيوشها الخيالة الكبيرة، ولما توطنت هذه الأقوام في أوروبا واندمجت في المقاطعات الرومانية وجهزت الجنود لجيوش رومية زاد عدد الخيالة فيها، وأصبح للفارس شأن خطير في القتال.
نامعلوم صفحہ