73
الباب السادس
لا ينتج ألبتة من أدلة غرغياس أن لا شيء يوجد؛ لأنك ترى كيف يدلل على الأشياء التي يحاول إثباتها. إذا كان اللاموجود يوجد أو بعبارة أعم: لو أن اللاشيء يوجد فالموجود هو كذلك اللاموجود على السواء.
74
ولكن لا يظهر ألبتة أن الأمر هكذا، ولا أن هناك أدنى ضرورة لأن يوجد اللاموجود، كما يكون الحال في شيئين أحدهما يكون حقيقة والآخر لا يزيد على أن يظهر. فيلزم بالضرورة أن يكون أحدهما حقا والآخر ليس كذلك. كذلك من أن اللاموجود لا يوجد لا ينتج أن الاثنين أو أحدهما يجب أن يكونا أو ألا يكونا. يقول غرغياس: لأن اللاموجود ليس بأقل وجودا من الوجود إذا كان «ليس يكون» هو أيضا شيئا ما. لذلك لا يقال ألبتة إن اللاموجود يكون ألبتة بأي وجه كان، فإذا كان اللاموجود هو في حالة اللاوجود فحينئذ لا يكون اللاموجود على النحو الذي يكون عليه الموجود؛ لأنه ليس إلا حالة اللاوجود، بخلاف الموجود فإنه موجود فعلا.
75
إذا كان حقا أن اللاموجود قد وجد بطريقة مطلقة، فيكون على الأقل عجيبا أن يقال إن اللاموجود موجود. ولكن إذا كان هذا هكذا بالمصادفة فكيف إذن يكون الحال أبدا بالنسبة للأشياء التي يرجح في أمرها أن تكون على ألا تكون؟ لأنه يظهر أن النقيض نفسه قد يمكن أن يكون حقيقيا أيضا.
76
إذا كان اللاموجود يكون وكان الموجود يكون أيضا، إذن فالكل موجود ما دام أن كل ما هو موجود وكل ما ليس بموجود كلاهما كائن من غير فرق، وإنه ليس من الضروري ألبتة إذا كان الموجود كائنا أن يكون الموجود غير كائن. عبثا يقال إن اللاموجود يكون والموجود لا يكون؛ فإن ذلك لم يؤثر شيئا في أن جميع الأشياء موجودة ما دام أننا لو صدقنا ذلك القول لأصبحت الأشياء التي لا تكون كائنة.
77
نامعلوم صفحہ