ذلك فأحصاه قصر عند ذراعه وباعه ومان رجاءه ولو عاش العمر
الطويل وبذل من نشبه الكثير القليل لأن معرفة الله لا تدركه بالقياس
نبيل ولا تشبيه ولا تمثيل ولا يوصف بصفات المخلوقين من ملائكة أو
جمادات لا من الثقلين وإنما الأدلة عليه لمخلوقاته وبما صنع من مصنوعاته وانظروا بعيون العقول فيما أنزله ذو المن الطويل في القرآن العظيم مخبرا
عن نبيه إبراهيم الخليل عليه صلوات الملك الكريم: { ربي الذي يحيي
ويميت } (1) .
وقالت الرسل عليهم السلام : { أفي الله شك فاطر السموات
والأرض } (2) فلم يصفوه بطول ولا عرض وقال موسى عليه الصلاة
والسلام لفرعون لعنه الله ذو الجلال والإكرام: { قال فرعون وما رب
العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين } (3) ،
وكذلك قال أصحاب الكهف(4) : { فقالوا ربنا رب السموات
والأرض } (5) فوصفوه بما وصف به نفسه وصف مثل هذا كثير
في كلام رب العزة الكبير.
وقال العلي الكبير الخبير : { وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون
بصير } (6) حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم بعيد المسافة لا بمفارقة قريب لا
بمداناة يعلم خاينة الأعين وما تخفي الصدور سبحانه وتعالى الغفور الشكور
له المثل الأعلى والوصف الأسنى وله الحمد في الآخرة والأولى نحمده على سوابغ نعمائه ونشكره على تتابع آلائه ونستعينه ونتوكل عليه ونبري في الحول والقوة إليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
مسألة
[ كيفية معرفة الله]
فإن قيل إن معرفة الله تعالى اكتسابية تكون أم اضطرارية فقال الشيخ
__________
(1) 1- سورة البقرة : آية 258 .
(2) 2- سورة إبراهيم آية 10 .
(3) 3- سورة الشعراء آية 23 .
(4) 4- ذكر في القرآن سورة كاملة تقص علينا قصة أهل الكهف وقصة موسى مع العبد
الصالح وفيها من العبر والدروس في العقيدة وغيرها ما نحن بأمس الحاجة إليه.
(5) 5- سورة الكهف آية 14 .
(6) 6- سورة الحديد آية 4 .
صفحہ 3