البارع الأوحد، وقاضي القضاة الشمس القاياتي، والعر البغدادي وغيرهم، وسمع الحديث على ابن حجر، والشيخ زين الدين الزركشي الحنبلي، والعز بن الفرات الحنفي وغيرهم، وتردد إلى القاهرة مرات، وحج بها صحبة القاضي عبد الباسط رئيس المملكة سنة ثلاث وخمسين، وسمع الحديث بالمدينة المنورة على المحب الطبري وغيره، وبمكة على أبي الفتح المراغي وغيره، ودرس وأفتى وأشير إليه في حاية شيخه ماهر، وكان يرشد الطلبة للقراءة عليه حتى ترك هو الإقراء، وفي سنة إحدى وثمانين توجه إلى القاهرة واستوطنها، وتردد الطلبة والفضلاء، وانتفعوا به، وعظمت هيبته، وارتفعت كلمته، ثم عاد إلى بيت المقدس بعد أن ولاه السلطان قايتباي الأشرف مدرسته المحدثة بها في سنة تسعين وثمانمائة، وفي شهر شوال سنة تسعمائة ورد إليه مرسوم شريف أن يكون متكلمًا على الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف، وكان قد تولى مشيختها قبل ذلك مدة، ثم أضيف إليه التكلم على المدرسة الجوهرية وغيرها لما هو معلوم من ديانته وورعه، وقد استوفى ترجمته وأحواله تلميذه صاحب الأنس الجليل فيه.
ومن تصانيفه: " الإسعاد بشرح الإرشاد " لابن المقري، و" الدرر اللوامع بتحرير شرح جمع الجوامع، في الأصول، و" الفرائد في حل شرح العقائد "، و" المسامرة بشرح المسايرة "، وقطعة على تفسير البيضاوي، وقطعة على المنهاج، وقطعة على صفوة الزبد لشيخه ابن أرسلان وغير ذلك، ومن إنشاده في بيت المقدس بعد غيبته عنه مدة طويلة ما ذكر في الأنس الجليل أنه سمع منه بدرب القدس الشريف حين عوده في غرة شهر ذي القعدة سنة تسعمائة. قال لي بروايتهما:
أحيي بقاع القدس ما هبت الصبا ... فتلك رباع الأنس في زمن الصبا
وما زلت من شوقي إليها مواصلًا ... سلامي على تلك المعاهد والربى
واشتهر من شعره في المواضع التي تباح فيها الغيبة:
القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعزف ومحذر
ولمظهر فسقًا ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر
ابن الحنبلي الحلبي في تاريخه عن شيخه العلامة شمس الدين الضيروطي المصري أنه توجه مع الشيخ نور الدين المحلي إلى الشيخ محمد الجلجولي المعروف بأبي العون
1 / 10