144

============================================================

مكة فقال: ارجع. فأبى، فقال: إني محدثك حديثا :إن جبريل عليه السلام أتى رسول الله فخيره بين الذنيا والآخرة فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبدا. فقال: إن معي حملين من كتب أهل العراق ببيعتهم.

فقال: ما تصنع بقوم قتلوا أباك، وخذلوا أخاك؟ فأبى إلا المضي، فاعتنقه ويكى، وقال: استودعتك الله من قتيل (1) .

ولم يبق أحد بمكة إلا حزن لمسيره، ولما بلغ أخاه محمد ابن الحنفية بكى حتى ملأ طستأ بين يديه.

ثم سافر فكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: غلبنا حسين بالخروج، ولعمري لقد رأى في أخيه والله عبرة.

وكلمه في ذلك أيضا من وجوه الصحابة جابر بن عبد الله، وأبو سعيد، وأبو واقد وغيرهم؛ فلم يطغ أحدا منهم، وصيم على المسير، فقال له ابن عباس: والله إني لأظئك ستقتل بين نسائك، وأبنائك وبناتك كما قتل عثمان رضي الله عنه. فلم يقبل، فبكى، وقال: أقررت عين ابن الژبير. فلما رأى ابن عباس ابن الزبير قال له: لقد جاء ما أحببت، هذا الحسين خرج وتركك والحجاز: فعلم يزيد بخروجه، فأرسل إلى غبيد الله بن زياد واليه على الكوفة يأمره بطلب مسلم وقتله، فظفر به فقتله، ولم يبلغ خسينا ذلك حتى صار بينه وبين القادسية ثلاثة أميال، فلقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له : ارجغ، فإني لم أدغ لك خلفي خيرا. وأخبره الخبر.

ولقي الفرزدق فسأله فقال له: قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، فهم أن يرجع، وكان معه إخوة مسلم، فقالوا: لا نرجع حتى نصيب بثأره أو نقتل. فساروا.

وكان ابن زياد جهز جيشا أربعة آلاف، وقيل عشرين الفا لملاقاته، فوافوه بكربلاء، فنزل ومعه خمسة واربعون فارسا ونحو مثة راجل، فلقيه الجيش، وأميرهم عمؤ بن سعد بن أبي وقاص، وكان ابن زياد ولأه الري، وكتب له (1) مختصر تاريخ دمشق 135/7، 136.

14

صفحہ 144