187

کشاف اصطلاحات

موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم

تحقیق کنندہ

د. علي دحروج

ناشر

مكتبة لبنان ناشرون - بيروت

ایڈیشن نمبر

الأولى - 1996م.

وما قيل الحرف ما يوجد معناه في غيره وأنه لا يدل على معنى باعتباره في نفسه بل باعتباره في متعلقه، فقد اتضح أن ذكر المتعلق للحرف إنما وجب ليتحصل معناه في الذهن إذ لا يمكن إدراكه إلا بإدراك متعلقه إذ هو آلة لملاحظته فعدم استقلال الحرف بالمفهومية إنما هو لقصور ونقصان في معناه، لا لما قيل من أن الواضع اشترط في دلالته على معناه الإفرادي ذكر متعلقه، إذ لا طائل تحته لأن هذا القائل إن اعترف بأن معاني الحروف هي النسب المخصوصة على الوجه الذي قررناه، فلا معنى لاشتراط الواضع حينئذ، لأن ذكر المتعلق أمر ضروري إذ لا يعقل معنى الحرف إلا به، وإن زعم أن معنى لفظة من هو معنى الابتداء بعينه إلا أن الواضع اشترط في دلالة من عليه ذكر المتعلق ولم يشترط ذلك في دلالة لفظ الابتداء عليه، فصارت لفظة من ناقصة الدلالة على معناها غير مستقلة بالمفهومية لنقصان فيها؛ فزعمه هذا باطل. أما أولا فلأن هذا الاشتراط لا يتصور له فائدة أصلا بخلاف اشتراط القرينة في الدلالة على المعنى المجازي. وأما ثانيا فلأن الدليل على هذا الاشتراط ليس نص الواضع عليه كما توهم لأن في تلك الدعوى خروجا عن الإنصاف، بل هو التزام ذكر المتعلق في الاستعمال على ما يشهد به الاستقراء، وذلك مشترك بين الحروف والأسماء اللازمة الإضافة.

والجواب عن ذلك بأن ذكر المتعلق في الحرف لتتميم الدلالة وفي تلك الأسماء لتحصيل الغاية، مثلا كلمة ذو موضوعة بمعنى الصاحب ويفهم منها هذا المعنى عند الإطلاق ، لكنها إنما وضعت له ليتوصل بها إلى جعل أسماء الأجناس صفة للمعارف أو للنكرات، فتحصيل هذه الغاية هو الذي أوجب ذكر متعلقها، فلو لم يذكر لم تحصل الغاية عند إطلاقه بدون ذكر متعلقه تحكم بحت. وأما ثالثا فلأنه يلزم حينئذ أن يكون معنى من مستقلا في نفسه صالحا لأن يحكم عليه وبه، إلا أنه لا ينفهم منها وحدها، فإذا ضم إليها ما يتم دلالتها وجب أن يصح الحكم عليه وبه وذلك مما لا يقول به من له أدنى معرفة باللغة وأحوالها.

وقيل الحرف ما دل على معنى ثابت في لفظ غيره، فاللام في قولنا الرجل مثلا يدل بنفسه على التعريف الذي في الرجل. وفيه بحث لأنه إن أريد بثبوت معنى الحرف في لفظ غيره أن معناه مفهوم بواسطة لفظ الغير أي بذكر متعلقه، فهذا بعينه ما قررناه سابقا، وإن أريد به أنه يشترط في انفهام المعنى منه لفظ الغير بحسب الوضع ففيه ما مر، وإن أريد به أن معناه قائم بلفظ الغير فهو ظاهر البطلان، وكذا إن أريد به قيامه بمعنى غيره قياما حقيقيا، ولأنه يلزم حينئذ أن يكون مثل السواد وغيره من الأعراض حروفا لدلالتها على معان قائمة بمعاني ألفاظ غيرها، وإن أريد به تعلقه بمعنى الغير لزم أن يكون لفظ الاستفهام وما يشبهه من الألفاظ الدالة على معان متعلقة بمعاني غيرها حروفا، وكل ذلك فاسد.

وقيل الحرف ليس له معنى في نفسه بل هو علاقة لحصول معنى في لفظ آخر، وإن في قولك في الدار علامة لحصول معنى الظرفية في الدار، ومن في قولك خرجت من البصرة علامة لحصول معنى الابتداء في البصرة، وعلى هذا فقس سائر الحروف وهذا ظاهر البطلان.

ثم الاسم والفعل يشتركان في كونهما مستقلين بالمفهومية، إلا أنهما يفترقان في أن الاسم يصلح لأن يقع مسندا ومسندا إليه، والفعل لا يقع إلا مسندا، فإن الفعل ما عدا الأفعال الناقصة كضرب مثلا يدل على معنى في نفسه مستقل بالمفهومية وهو الحدث، وعلى معنى غير مستقل هو النسبة الحكمية الملحوظة

صفحہ 187