333

کاشف امین

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

وأجيب عليه: بأنه غير مسلم، لأن الشيخين يعللان القبح بما ذكر من الوجوه المذكورة في صدر المسألة ويجعلان القصد شرطا فقط، والإخشيدية يعللون القبح بنفس القصد وهو الإرادة فافترقا ولا ثمرة للخلاف إلا لو لم تعتبر الإخشيدية تلك الوجوه بالمرة، ومن البعيد أن يلغوها عن الإشتراط إن لم يعتبروها في التأثير فصار قول العدلية آيل إلى معنى واحد،وهو إناطة القبح بتلك الوجوه تأثيرا في قول وشرطا في آخر، لكنه حكى في الأساس عن البغدادية وبعض الإمامية أنهم يقولون: الأصل في مطلق الأفعال الحصر. فإن أرادوا بذلك ما عدا ما قد أدرك العقل فيه جهة حسن أو قبح بخصوصه كما هو مفاد عبارة غاية ابن الإمام عليهما السلام، فهو لا ينافي تعليل ما قد أدرك قبحه بما هو من الوجوه المذكورة، وإن أرادوا أن حكم الأفعال من حيث هي الحظر والقبح كما يقتضيه ظاهر الاطلاق عنه، فهو بعيد جدا لما ذكرنا من لزومه تقبيح جميع الأفعال حتى العدل والإنصاف قبل ورود الشرع حتى يرد الإذن الشرعي والتعيين من الشارع لما هو قبيح أو حسن، فهو أدخل في البطلان من قول الأشعرية لأنهم قد سلموا حسن ما لاءم وقبح ما نافر، وحسن ما كان صفة كمال، وقبح ما كان صفة نقص، ويقولون في ما لا يدرك العقل فيه جهة حسن ولا قبح: بالوقف حتى يرد الشرع بتعيين حكمه، والجمهور من العلماء وعليه اتفاق أئمتنا عليهم السلام أن الأصل فيما لم يكن قد أدرك العقل جهة حسن ولا قبح بخصوصه بأحد الاعتبارات المذكورة في الطرف الثاني الذي مر قبل هذا الإباحة، ولهذا استدرك شارح الأساس الإمام الشرفي عليه السلام على إطلاق عبارة الماتن قدس الله روحه بما لفظه: وقد عرفت بما تقدم أن كلام البغدادية إنما هو في مطلق الأفعال التي ليس لها جهة حسن ولا قبح ظاهرين كما مر، لأنهم لا يخالفون أن ابتداء الإحسان وصنائع المعروف حسنة يحسن العقل من غير نظر إلى إذن الشرع وإباحته انتهى كلامه والمسك ختامة.

ولعل الماتن عليه السلام حذا في إطلاق العبارة عن البغدادية حذو القرشي رحمه الله في المنهاج والإمام المهدي عليه السلام في القلائد فإنهما أطلقا الحكاية عن البغدادية بالنظر إلى أصل الفعل من حيث هو، ولهذا ردا عليهم بقولهما: قلنا: يقبح الفعل ويحسن والعين واحدة كالسجود للصنم فإنه بذاته وعينه إذا فعل لله فهو حسن.

قلت: وفي ذلك نظر فإن السجود للصنم لم يصر للصنم إلا مع قصد فعله له فالقصد حينئذ شطر أو شرط، ثم تقدير كونه لله تعالى لا يستقيم إلا مع قصد فعله لله تعالى، فمتى فعل لله بقصده المنافي لقصد فعله للصنم كما فعل لله غير ما فعل للصنم سيما على أصلهما في إثبات الذوات في العدم، وإنما مثلا بهذا المثال لما حملا كلام البغداديين على ظاهر ما حكياه عنهم من الإطلاق مع أنهم إلى الوفاق أقرب من البصرية في كثير من الأصول والمسائل على قواعد قدماء أئمتنا عليهم السلام وشيعتهم الأعلام، ولله در ابن الإمام فلقد أدرك من المسألة سر الكلام.

صفحہ 365