صفات الذات الإلهية
قوله عليه السلام [ المختص بصفات الإلهية ]، قال شيخنا رحمه الله في حاشيته: هي قادر، عالم، حي، موجود، وما يرجع إليها كسميع وبصير، وقديم، وتسمى صفات الذات والذاتية.
قلت: وفي تفسير صفات الإلهية بذلك نظر فإن مجرد الاتصاف بما ذكر لا يسلم أنه صفات الإلهية لأنها صفات شائعة في غيره تعالى حتى يقال: قادر على كل المقدورات عالم بكل المعلومات، حي دائم لم يزل ولا يزول، ولعله رحمه الله تعالى وضع المطلق موضع المقيد ففي ذلك تسامح، وقوله وما يرجع إليها كسميع وبصير وقديم يعني، أن سميعا بصيرا ليسا صفتين مستقلتين، بل مرجعهما إلى عالم عند القاسم والبغدادية بمعنى عالم بالمسموع وعالم بالمبصر أو إلى حي لا آفة به تمنعه عن إدراك المسموع والمبصر عند الأمير عليه السلام وغيره من أئمتنا والبصرية، وقديم راجعة إلى موجود بمعنى أن وجوده تعالى لا أول له.
قوله عليه السلام [ والقدم ] من باب عطف الخاص على العام لأن القدم من صفات الإلهية ولعله أراد بالتنصيص عليه الإشارة إلى بطلان قول من أثبت معان قديمة كالأشعرية ونحوهم لموافقة الفاصلة في قوله [ المتعالي عن الحدوث والعدم ]، والحدوث: هو وجود الشيء بعد أن كان معدوما، والعدم على ضربين:
عدم أصلي: وهو ما لم يوجد أصلا.
وعدم فرعي: وهو ما كان موجودا ثم عدم.
وكل ذلك يتعالى الله عنه لأنه مناف لصفات الإلهية، فموقع هذه الفقرة من الأولى موقع المؤكدة، ولهذا لم يأتي بحرف العطف المؤذن بالمغايرة.
وكذلك قوله عليه السلام [ الذي لم يسبقه وقت ولا زمان ولا تحويه جهة ولا مكان ] فإن الجميع نازل من الجملة الأولى بمنزلة البيان والتأكيد، لأنه لو سبقه زمان أو حواه مكان لكان محدثا فينافي صفات الإلهية، لأن ما سبقه غيره فهو محدث بالضرورة، وما حواه المكان فهو محدود بالضرورة، وكل محدود يفتقر إلى فاعل يفعله على ذلك الحد والمقدار.
صفحہ 21