کاشف امین
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
اصناف
وأما الأصل الثالث: فهو مع كونه صار عبثا مع إمكان أن يقال في الأصل الثاني والقادر العالم لا يكون إلا موجودا، يرد عليه أن قياس الباري تعالى على الإرادة والشهوة ونحوهما من سائر المعاني بجامع التعلق فلما تعلقت حكم لها بالوجود، غير أن قياس الباري لا يصح أن يقال فيه تعالى لما تعلق حكم له بالوجود، لأنه تعالى لا يصح تعلقه بشيء ولأنه تعالى موجود. قبل ذلك التعلق لو سلمناه، وقولهم: وأيضا فتعلق هذه المعاني بما تعلقت به، مختلف من حيث أن الإرادة والكراهة عندهم معنى شاهدا وغائبا يتعلقان بالمراد والمكروه في الشاهد قبل وجودهما وبعده وحاله، وفي الغائب حاله فقط، والقدرة في الشاهد معنى، وفي الغائب عندهم صفة ذاتية ومقتضاة عن الذاتية وتتعلق بالمقدور حال عدمه شاهدا وغائبا ولا تتعلق بالموجود شاهدا ولا غائبا، وأما الاعتقاد والشهوة والنفرة فمما لا يجوز على الله تعالى، فكيف تجعل محلا لقياسه تعالى عليها ؟ وأيضا فقولهم: والعدم يحيل التعلق، إن أريد به عدم المقدور والمعلوم فلا يسلم إلا حاله لأن القدرة والعلم يتعلقان بالمعدوم ليصح إيجاده محكما، وإن أريد به عدم القادر والعالم لم يصح أن يقاسا بعدم الإرادة والكراهة، بل بعدم المريد والكاره وهو مسلم ويعود إلى قولنا، لأن الحكم باستحالة تعلق الإرادة والكراهة بالمريد والكاره حال عدمهما داخل تحت الحكم باستحالة تعلق الفعل بالفاعل حال عدمه دخول الأخص تحت الأعم، فبطل ما قالوه وظهر صحة ما قاله سيد المحققين: إن دليل التعلق لا يدل على المقصود إلا على سبيل التمحل والتكلف.
صفحہ 168