کاشف امین
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
اصناف
إن قيل: إذا لم يلزم من كونه قادرا في الأزل صحة أن يكون فاعلا في الأزل فقد نقضتم حد القادر لأنكم حددتموه بأنه من يصح منه الفعل فإذا كان الله تعالى لا يصح منه الفعل في الأزل، لزم أن لا يكون قادرا في الأزل، ونقض الحد حيث أطلقتم القادر على من لا يصح منه الفعل.
قلنا: لم نحد القادر بأنه من يصح منه الفعل على الإطلاق بل قلنا: مع سلامة الأحوال، ومن سلامتها عدم لزوم التناقض المؤدي إليه، قولنا: فاعل في الأزل، دون قولنا: قادر في الأزل؛ والحاصل أن في قولنا: فاعل في الأزل مناقضة من حيث لزوم اجتماع النقيضين بخلاف قادر في الأزل فليس فيه ذلك، إذ يلزم من فاعل وجود المفعول ولا يلزم من قادر وجوده، وإنما يلزم صحة وجوده إن سلم الحال فإن لم يسلم لم يخرج عن كونه قادرا، بل هو قادر بمعنى إذا أراد أن يفعل فعل وإن أراد أن لا يفعل لم يحصل الفعل، فإن قدرنا أنه فعل لم يصح وصف ذلك الفعل أو المفعول بأنه في الأزل بل قد بطل دعوى كونه في الأزل من حيث أنه فعله الفاعل المختار، فتأمل.
وأيضا فإن قولنا: فاعل في الأزل ، يعود على وصفنا له تعالى قادر بالنقض والإبطال وما عاد على الغرض المقصود بالنقض والإبطال فهو بالإبطال أولى.
بيانه: أنه إذا كان ذلك الفعل أو المفعول في الأزل فقد كان قديما مستغنيا عن الفاعل القديم، ومتى كان الحال كذلك لم يكن أحد القديمين بأن تدعى له القادرية على الآخر بأولى من العكس فتكون دعوى ذلك لأحدهما دون الآخر تخصيص بلا مخصص وترجيح بلا مرجح وذلك باطل بلا ريب، وهذا واضح لمن تأمل كما ترى، فتأمل.
وثمرة هذا البحث التمكن من وصف الله سبحانه بأنه قادر فيما لم يزل مع التمكن من إبطال قول من يذهب إلى قدم العالم مع قوله إن الله تعالى فاعله وصانعه، وبالله التوفيق.
صفحہ 124