ثم نقول له: ما هو الحب الشرعي؟ أهو الإعراض عن أهل البيت وتضعيف رواياتهم في الحديث، وتسميتهم روافض وغلاة ومبتدعين، وتضعيف الكثير مما يروى من فضائلهم، وتضعيف الرواة منهم وعنهم، وترك التعلم منهم، واعتبارهم أهل بدعة؟! أم ماهو الحب الشرعي؟ فإن قال: بل الحب الشرعي حب من كان متبعا لأهل السنة بزعمه وترك المبتدعين، قلنا: فقد جعلت مذهبك هو الحاكم على المذاهب، ولاينجو إلا من وافقك في مذهبك، وعندك يجب على أهل البيت أن يكونوا على مذهبك، وإذا خالفوك فهم عندك أهل بدعة وضلال، ولايجب اتباعهم لأن حبهم غير شرعي، ولابد لك من حجة على هذه الدعوى وإلا فهي عاطلة باطلة، فهل جاء من الله أمر باتباعكم جملة؟ فبينه ولاتجد إلا دعوى مثل غيرك من الفرق المخالفة لأهل البيت التي تدعي أنها على الحق فتوجب على الناس اتباعها لأنها بزعمها هي التي على الحق، وإن أردت أنه قد تقرر في مذاهبكم على التفصيل في كل مسألة أنكم على الحق، فهذه دعوى لادليل عليها، لأنكم بنيتم مذهبكم في العقائد على إهمال العقول ومحكم القرآن، وتقديم العمل بالمتشابه والروايات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجعل رواتكم أهل الصدق، ورواة المخالفين لكم جعلتموهم كذابين أو ضعفاء، وهذه منكم دعوى بلا دليل، ولايقبل قولكم في المخالفين لكم، لأنكم خصومهم تجرون لأنفسكم، ولايقبل قول خصم في خصمه لأنه متهم فيه.
وهذا لأنه لانزاع في وجوب اتباع الكتاب والسنة، إنما النزاع في المتبع لهما من هو؟ فاتباع السنة عند أسلافكم هو الجبر والتشبيه وتجويز خلف الوعيد وغير ذلك، فإنكم تسمونه: السنة، ولذلك سمى ابن أبي عاصم كتابه (السنة) لما كان في الروايات الموافقة لمذهبكم، وكذا في سنن أبي داود كتاب السنة، وهو الكتاب المشتمل على مذاهبكم المذكورة.
صفحہ 5