بالمقلين، ثمَّ بِالنسَاء.
قلت: اعْلَم أَن هَذَا التَّرْتِيب مَا وفى فِيهِ بِالشّرطِ: فَإِنَّهُ ذكر فِي المقدمين خلقا من المؤخرين، وَبَيَانه: أَنه لما ذكر بعد الْعشْرَة ابْن مَسْعُود، وَعمَّارًا - وَكِلَاهُمَا شهد بَدْرًا - كَانَ هَذَا ترتيبا حسنا، فَلَمَّا ذكر بعدهمَا حَارِثَة بن وهب، وَأَبا ذَر، وَحُذَيْفَة، وَأَبا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَجَرِير بن عبد الله، لم يحسن تَقْدِيم هَؤُلَاءِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فيهم من شهد بَدْرًا، وَجَرِير إِنَّمَا أسلم فِي سنة عشر قبل موت رَسُول الله ﷺ بِخَمْسَة أشهر، ثمَّ ذكر بعد جرير جمَاعَة فيهم سُلَيْمَان ابْن صرد، وَهُوَ من الْمُتَأَخِّرين جدا، ثمَّ جَاءَ بعده بِجَمَاعَة، ثمَّ بمعاذ ابْن جبل وَهُوَ من أهل بدر، فِي تَخْلِيط من هَذَا الْجِنْس يعجب مِنْهُ عُلَمَاء الحَدِيث إِذا تأملوه.
ثمَّ إِنَّه ذكر فِي المقلين جمَاعَة لَهُم حَدِيث كثير مِنْهُم عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، فَإِنَّهُ ذكره فِي المقلين، وَذكر لَهُ خَمْسَة وَأَرْبَعين حَدِيثا. وَقد ذكر فِي المقدمين جمَاعَة لكل وَاحِد مِنْهُم حَدِيث أَو حديثان، وَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي مَنعه من جعلهم فِي المقلين وَلَيْسوا من المقدمين على مَا بيّنت لَك. وَقد ذكر فِي المقلين خلقا كَانَ يصلح ذكرهم فِي المقدمين: مثل بِلَال، وخباب، والمقداد، وَخلق كثير.
فالترتيب فِي نِهَايَة الْخَطَأ، غير أَنه لَا بُد من الجري على رسمه، فَإِن الْمَقْصُود إِنَّمَا هُوَ الحَدِيث.
1 / 10