قال: ولو اقتضى التميز الثبوت عينا لزم منه محالات.
أقول: لما أبطل مذهب المثبتين شرع في إبطال حججهم ولهم حجتان قويتان (رديتان - خ ل) ذكر هما المصنف وأبطلهما (أما الحجة الأولى) فتقريرها أن كل معدوم متميز وكل متميز ثابت فكل معدوم ثابت (أما المقدمة الأولى) فيدل عليها أمور ثلاثة أحدها أن المعدوم معلوم وكل معلوم متميز الثاني أن المعدوم مرادفا لأنا نريد اللذات ونكره الآلام فلا بد وأن يتميز المراد عن المكروه الثالث أن المعدوم مقدور وكل مقدور متميز فإنا نميز بين الحركة يمنة ويسرة وبين الحركة إلى السماء ونحكم بقدرتنا على إحدى الحركتين دون الأخرى فلولا تميز كل واحدة منهما عن الأخرى لاستحال هذا الحكم وأما (المقدمة الثانية) فلأن التميز صفة ثابتة للتميز وثبوت للصفة يستدعي ثبوت الموصوف لأنه فرع عليه والجواب أن التميز لا يستدعي الثبوت عينا والإلزام منه محالات أحدها أن المعلوم قد يكون مستحيل الوجود لذاته كشريك الباري تعالى واجتماع الضدين وغيرهما ويتميز أحدهما عن الآخر فلو اقتضى التميز الثبوت عينا لزم ثبوت المستحيلات مع أنهم وافقونا على انتفاء المستحيل الثاني أن المعلوم قد يكون مركبا خياليا ووجودا وليس بثابت في العين اتفاقا الثالث أن المقدورية لو استدعت الثبوت لانتفت إذ لا قدرة على الثابت وكذا المرادية قال: والإمكان اعتباري يعرض لما وافقونا على انتفائه.
أقول: هذه الحجة الثانية لهم على ثبوت المعدوم وهي أنهم قالوا إن المعدوم ممكن وإمكانه ليس أمرا عدميا وإلا لم يبق فرق بين نفي الإمكان وبين الإمكان المنفي؟ فيكون أمرا ثبوتيا وليس جوهرا قائما بذاته فلا بد له من محل ثبوتي وهو الممكن لاستحالة قيام الصفة بغير موصوفها فيكون الممكن العدم ثابتا وهو المطلوب وأجاب المصنف (قده) عنه بأن الإمكان أمر اعتباري ليس شيئا
صفحہ 25