إنا قد نجزم بوجود ماهية ونتردد في خصوصياتها مع بقاء الجزم بالوجود فإنا إذا شاهدنا أثرا حكمنا بوجود مؤثره فإذا اعتقدنا بأنه ممكن ثم زال اعتقادنا بإمكانه وتجدد اعتقادنا بوجوبه لم يزل الحكم الأول فبقاء الاعتقاد بالوجود عند زوال اعتقاد الخصوصيات يدل على الاشتراك الثاني أن مفهوم السلب واحد لا تعدد فيه ولا امتياز فيكون مفهوم نقيضه الذي هو الوجود واحدا وإلا لم ينحصر التقسيم بين السلب والإيجاب الثالث إن مفهوم الوجود قابل للتقسيم بين الماهيات فيكون مشتركا بينها أما المقدمة الأولى فلأنا نقسمه إلى الواجب والممكن وإلى الجوهر والعرض وإلى الذهني والخارجي والعقل يقبل هذه القسمة وأما المقدمة الثانية فلأن القسمة عبارة عن ذكر جزئيات الكلي الصادق عليها بفصول متغايرة أو ما يشابه الفصول ولهذا لا يقبل العقل قسمة الحيوان إلى الإنسان والحجر لما لم يكن صادقا عليهما ويقبل قسمته إلى الإنسان والفرس.
المسألة الثالثة في أن الوجود زائد على الماهيات قال: فيغاير الماهية وإلا اتحدت الماهيات أو لم تنحصر أجزائها أقول: هذه المسألة فرع على المسألة الأولى واعلم أن الناس اختلفوا في أن الوجود هل هو نفس الماهية أو زائد عليها فقال أبو الحسن الأشعري وأبو الحسين البصري وجماعة تبعوهما أن وجود كل ماهية نفس تلك الماهية وقال جماعة من المتكلمين والحكماء أن وجود كل ماهية مغاير لها إلا وجود واجب الوجود تعالى فإن أكثر الحكماء قالوا إن وجوده نفس حقيقته وسيأتي تحقيق كلامهم فيه وقد استدل الحكماء على الزيادة بوجوه الأول: أن الوجود مشترك على ما تقدم فإما أن يكون نفس الماهية أو جزءا منها أو خارجا عنها والأول باطل وإلا لزم اتحاد الماهيات في خصوصياتها لما تبين من اشتراكه والثاني باطل وإلا لم تنحصر أجزاء الماهية بل يكون كل ماهية على الاطلاق مركبة من أجزاء
صفحہ 15