الشفاعة تجريد التوحيد، فحينئذ (١) يأذن الله للشافع أن يشفع، ومن جهل المشرك: اعتقاده أن من اتخذ وليًّا، أو شفيعًا أنه يشفع له، وينفعه عند الله، كما يكون خواص الملوك والولاة تنفع من والاهم، ولم يعلموا أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضي قوله وعمله، كما قال تعالى في الفصل الأول: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِ﴾ (٢) .
وفي الفصل الثاني: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ (٣) .
وبقي فصل ثالث، وهو أنه لا يرضى من القول والعمل إلا التوحيد واتباع رسوله (٤) ﷺ فهذه ثلاثة فصول تقطع شجرة الشرك من قلب من دعاها وعقلها) . انتهى (٥) .
قلت: وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام، وابن القيم –رحمهما الله تعالى- هو الذي أجمع عليه أهل الحق سلفًا وخلفًا، كما قال تعالى: ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُون﴾ (٦) وقد (٧) تقدم لشيخ الإسلام أن هذا مجمع عليه.
فلا يلتفت إلى ما أحدثه المشركون، وزخرفوه/ من الأكاذيب والأباطيل، وإن اعتمدها من زاغ قلبه عن الهدى، وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال:
_________
(١) في "م": "وح".
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٢٨.
(٤) في"ش": "رسول الله..".
(٥) انظر"مدارج السالكين": (١/٣٤١) .
(٦) سورة الأحقاف، الآية: ٢٨.
(٧) سقطت من: (المطبوعة): "وقد..".