أقول: إن أبا عثمان من رجال الإسلام وأفراد الزمان في الفضل والعلم وصحة الذهن وحسن الفهم والاطلاع على حقائق العلوم، والمعرفة بكل جليل ودقيق، ولم يكن شيعيا فيتهم وكان عثمانيا مروانيا وله في ذلك كتب مصنفة، وقد شهد في هاتين الرسالتين من فضل بني هاشم وتقديمهم وفضل علي (عليه السلام) وتقديمه بما لا شك فيه ولا شبهة وهو أشهر من فلق الصباح، وهذا إن كان مذهبه فذاك وليس بمذهبه، وإلا فقد أنطقه الله تعالى بالحق وأجرى لسانه بالصدق، وقال ما يكون حجة عليه في الدنيا والآخرة، ونطق بما لو اعتقد غيره لكان خصمه في محشره، فإن الله عند لسان كل قائل فلينظر قائل ما يقول وأصعب الأمور وأشقها أن يذكر الإنسان شيئا يستحق به الجنة ثم يكون ذلك موجبا لدخوله النار، نعوذ بالله من ذلك.
أحرم منكم بما أقول وقد
نال به العاشقون من عشق
صرت كأني ذبالة نصبت
تضيء للناس وهي تحترق [1]
وليكن هذا القدر كافيا، فإنه حيث ثبت ما طلبناه بشهادة هذا الرجل شرعنا فيما نحن بصدده بعون الله وحوله، ولا بد من ذكر أشياء مهمة نقدمها أمام ما وجهنا إليه وجه قصدنا، وصرفنا إليه اهتمامنا وبالله التوفيق.
فمن ذلك تفسير معنى قولهم آل الرسول وأهل البيت والعترة وتبيين من هم.
وما ورد في ذلك من الأخبار وأقوال أرباب اللغة.
قال أبو عبد الله الحسين بن خالويه: الآل ينقسم في اللغة خمسة وعشرين قسما آل الله قريش قال الشاعر هو عبد المطلب:
نحن آل الله في كعبته
لم يزل ذاك على عهد إبرهم [2]
وقال آخرون: أراد نحن آل بيت الله أي قطان مكة وسكان حرم الله، والعرب تقول في الاستغاثة يا آل الله يريدون قريشا، وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بنو هاشم، من آل إليه بحسب أو قرابة، وقيل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كل تقي، وقيل آل محمد من حرمت عليه الصدقة، فأما قوله تعالى: يرثني ويرث من آل يعقوب [3] قيل يرث نبوتهم
صفحہ 62