ثم إن عميرا أمر بسيفه، فشحذ له، وسقى سما، وانطلق، حتى قدم المدينة، فرآه عمر بن الخطاب رظللنه، قد أناخ عند باب المسجد متوشحا السيف، فقال: هذا عدو الله عمير، ما جاء إلا بشر.
ثم دخل عمر على رسول الله، فقال: يا نبي الله، هذا عمير قد جاء متوشحا بسيفه (124) قال: أدخله علي، فأقبل عمر على عمير، فجعل خمائل سيفه على عنق عمير، وقال لرجال من الأنصار: أدخلوا على رسول الله صلصلى الله ليه وسل واجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون. ثم دخل به على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه، وعمر أخذ عنقه على خمائل سيفه، قال: أرسله يا عمر، وقال: أدن منى يا عمير، فدنا عمير من النبى، وقال: انعموا صباحا، وكانت تلك تحية الجاهلية، فقال النبى: «قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة». ثم قال: يا عمير، ما جاء بك؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي بين أيديكم، فأحسنوا إليه، يعنى ابن صفوان، لأنه كان أسيرا يوم بدر. قال النبى: فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت شيئا؟ قال: ما الذى جئت له يا عمير؟ أصدقنى. قال ما جئت إلا لذلك. قال: بلى، قعدت أنت وصفوان بن أمية بالحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي، وخوفي على عيالي لئلا يضيعوا بعدى، لخرجت، حتى أقتل محمدا، فتحمل صفوان عنك دينك وعيالك، على أن تقتلنى، والله حائل بينى وبينك. فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وقد كنا نكذبك، وهذا أمر لم يحضره أحد غيري وصفوان، فإنى والله لأعلم ما أنبأك به إلا الله، فالحمد لله الذي هدانى للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم تشهد
صفحہ 335