الألباب وأهل العقول دون الجهال، لأن المستحسن من الأشياء ما خفي، ولذلك سميت الجنة جنة لأنها مستجنّة، وسميت الجن جنا لاختفائهم عن الناس، والمجنة المقبرة لأنها تستر من فيها، والترس المجن لأنه يستتر به، فالجنة هاهنا ما استتر عن هذا الخلق المنكوس الذي لا علم لهم ولا عقول، فحينئذ يزداد هذا المخدوع انهماكا، ويقول لذلك الداعي الملعون: تلطف في حالي وبلغني إلى ما شوقتني إليه، فيقول: ادفع النجوى اثني عشر دينارا تكون لك قربانا وسلما. فيمضي به ويقول: يا مولانا، عبدك فلان قد صحت سريرته وصفت حبرته وهو يريد أن تدخله الجنة، وتبلغه جد الأحكام، وتزوجه حور العين؟ فيقول له: وقد وثقته وأمنته؟ فيقول: يا مولانا قد وثقته وآمنته وخبرته فوجدته على الحق صابرا ولأنعمك شاكرا، فيقول: علمُنا صعب مستصعب لا يحمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان، فإذا صح عندك حاله فاذهب به إلى زوجتك فاجمع بينه وبينها، فيقول: سمعا وطاعة لله ولمولانا، فيمضي به إلى بيته فيبيت مع زوجته حتى إذا أصبح الصباح قرع عليهما الباب وقال: قوما قبل أن يعلم بنا هذا الخلق المنكوس، فيشكر ذلك المخدوع ويدعو له،
1 / 29