کشف الاسرار
كشف الأسرار شرح أصول البزدوي
ناشر
شركة الصحافة العثمانية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
مطبعة سنده ١٣٠٨ هـ - ١٨٩٠ م
پبلشر کا مقام
إسطنبول
اصناف
اصول فقہ
فَنَحْوُ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ حَسَنٌ لِعَيْنِهِ غَيْرَ أَنَّهُ نَوْعَانِ: تَصْدِيقٌ هُوَ رُكْنٌ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِحَالٍ حَتَّى أَنَّهُ مَتَى تَبَدَّلَ ضِدُّهُ كَانَ كُفْرًا، وَإِقْرَارٌ هُوَ رُكْنٌ مُلْحَقٌ بِهِ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِحَالٍ حَتَّى أَنَّهُ مَتَى تَبَدَّلَ بِضِدِّهِ بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَعُدْ كُفْرًا؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ لَيْسَ مَعْدِنَ التَّصْدِيقِ لَكِنَّ تَرْكَ الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَدُلُّ عَلَى فَوَاتِ التَّصْدِيقِ فَكَانَ رُكْنًا دُونَ الْأَوَّلِ فَمَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَتَرَكَ الْبَيَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَمَنْ لَمْ يُصَادِفْ وَقْتًا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْبَيَانِ وَكَانَ مُخْتَارًا فِي التَّصْدِيقِ كَانَ مُؤْمِنًا إنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ
ــ
[كشف الأسرار]
لَا يَقْبَلُ سُقُوطَ هَذَا الْوَصْفِ أَيْ كَوْنُهُ مَأْمُورًا بِهِ كَالتَّصْدِيقِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ.
وَضَرْبٌ يَقْبَلُهُ أَيْ يَقْبَلُ سُقُوطَ هَذَا الْوَصْفِ كَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى مَأْمُورًا بِهِ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ وَهَذَا أَحْسَنُ وَلَكِنْ سِيَاقُ الْكَلَامِ يَأْبَاهُ، وَمَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ ﵀ أَدَلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ قِسْمَانِ حَسَنٌ لِعَيْنِهِ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِحَالٍ يَعْنِي بِهِ السُّقُوطَ عَنْ الْمُكَلَّفِ وَحَسَنٌ لِعَيْنِهِ قَدْ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.
وَضَرْبٌ مِنْهُ أَيْ مِنْ الَّذِي حَسُنَ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ مَا أُلْحِقَ بِهِ حُكْمًا لَكِنَّهُ يُشْبِهُ بِمَا حَسُنَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ نَظَرًا إلَى حَقِيقَتِهِ كَالزَّكَاةِ، لَا يَتَأَدَّى أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ الَّذِي هُوَ مَقْصُودٌ كَالصَّلَاةِ وَالْجُمُعَةِ مَثَلًا بِاَلَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ الطَّهَارَةُ وَالسَّعْيُ، فَكَانَ شَبِيهًا بِاَلَّذِي حَسُنَ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِالْحُسْنِ حَقِيقَةً يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْمَأْمُورِيَّةِ.
وَضَرْبٌ مِنْهُ مَا حَسُنَ لِحُسْنٍ فِي شَرْطِهِ بَعْدَمَا كَانَ حَسَنًا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ كَالصَّلَاةِ، أَوْ مُلْحَقًا بِاَلَّذِي حَسُنَ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ كَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ حَسَنَةٌ لِعَيْنِهَا لِكَوْنِهَا تَعْظِيمَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلًا وَفِعْلًا وَالزَّكَاةُ مُلْحَقَةٌ بِهَا وَقَدْ ازْدَادَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ حُسْنًا بِاعْتِبَارِ حُسْنِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَدَاءِ، وَهَذَا الْقِسْمُ يُسَمَّى جَامِعًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَا هُوَ حَسَنٌ لِعَيْنِهِ وَلِغَيْرِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْحُسْنُ بِالِاعْتِبَارَيْنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَالْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ إذَا تَزَيَّنَتْ بِزِينَةٍ اكْتَسَبَتْ حُسْنًا زَائِدًا عَلَى حُسْنِهَا بِتِلْكَ الزِّينَةِ، وَنَظِيرُهُ الظَّهْرُ الْمَحْلُوفُ بِأَدَائِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ صَارَ حَسَنًا احْتِرَازًا عَنْ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ كَانَ حَسَنًا فِي نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ (فَنَحْوُ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّنْ آمَنَ بِوَحْدَانِيِّتِهِ تَعَالَى وَأَنْكَرَ الصِّفَاتِ كَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ نَوْعَانِ لَيْسَ بِمُجْرًى عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ النَّوْعَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ تَمَامُ مَاهِيَّةِ الْجِنْسِ مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍ وَلَا يُوجَدُ تَمَامُ مَاهِيَّةِ الْإِيمَانِ فِي الْإِقْرَارِ وَلَا فِي التَّصْدِيقِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ غَيْرَ أَنَّهُ رُكْنَانِ أَيْ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى رُكْنَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَصْدِيقٌ وَهُوَ رُكْنٌ وَإِقْرَارٌ هُوَ رُكْنٌ.
، وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ شَرْطُ إجْرَاءِ الْأَحْكَامِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى أَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ كَانَ مُؤْمِنًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقَ إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ دُونَ التَّصْدِيقِ كَانَ مُؤْمِنًا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ كَافِرًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِعَدَمِ التَّصْدِيقِ.
، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ إلَّا أَنَّ الْإِقْرَارَ رُكْنٌ زَائِدٌ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ وَالتَّصْدِيقُ رُكْنٌ أَصْلِيٌّ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فَعِنْدَ هَؤُلَاءِ لَوْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُصَنِّفِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ ﵇ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَالشَّهَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِاللِّسَانِ وَقَوْلِهِ ﵇، «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»، وَقَوْلِهِ ﵇، «أُمِرَتْ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»، وَقَوْلِهِ ﷺ، «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ»
1 / 185