ذلك عثمان رضي الله عنه وجاء به في قصعة فقيل إنه لم يتناول من ذلك والأصح أنه تناول بعضه ثم أمر بالتصدق بما بقي منه وقد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جدي سمين مشوي فأكل منه مع أصحابه رضي الله عنهم وقد تناول ما أتي به من الشاة المسمومة حين قدم بين يديه الحمل المشوي قال لبعضهم ناولني الذراع فبهذه الآثار تبين أنه كان يتناول في بعض الأوقات لبيان أن ذلك لا بأس به وكان يكتفي بما دون ذلك في عامة الأوقات لبيان أن ذلك أفضل على ما روي أن عائشة رضي الله عنها كانت تبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول يامن لم يلبس الحرير ولم يشبع من خبز الشعير فصار الحاصل أن الاقتصار على أدنى ما يكفيه عزيمة وما زاد على ذلك من التنعم والنيل من اللذات رخصة وقال صلى الله عليه وسلم إن الله يحب أن يؤتى برخصه كما يحب أن يؤتى بعزائمه وقال صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة ولم أبعث بالرهبانية الصعبة فعرفنا أنه إن ترخص بالإصابة من التنعم فليس لأحد أن يؤثمه في ذلك وإن ذم نفسه وكسر شهوته فذلك أفضل له ويكون من الذين يدخلون الجنة بغير حساب على ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وعدني أن يدخل سبعين ألفا من أمتي الجنة بغير حساب فقيل من هم يا رسول الله قال هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون
صفحہ 121