كنز الفوائد
كنز الفوائد
بطل قولكم في الاجتهاد وهذا ما لا شبهه فيه على عاقل فاعترض رجل آخر في ناحية المجلس فقال ليس الغرض في المناظرة الدعوة الى الاتفاق وإنما الغرض فيها اقامة الغرض من الاجتهاد فقال له الشيخ رضي الله عنه هذا الكلام كلام صاحبك هذا بعينه في معناه وانتما جميعا حائدان عن التحقيق والصواب وذلك انه لابد في فرض الاجتهاد من غرض ولا بد لفعل النظر من معقول فإن كان الغرض في اداء الفرض بالاجتهاد البيان عن موضع الرجحان فهو الدعاء في المعقول الى الوفاق والايناس بالحجة الى المقال وان كان الغرض فيه التعمية والالغاز فذلك محال لوجود المناظر مجتهدا في البيان والتحسين لمقاله بالترجيح له على قول خصمه في الصواب وان كان معقول فعل النظر ومفهوم غرض صاحبه الذب عن نحلته والتنفير عن خلافها والتحسين لها والتقبيح لضدها والترجيح لها على غيرها وكنا نعلم ضرورة ان فاعل ذلك لا يفعله للتبعيد من قوله وإنما يفعله للتقريب منه والدعاء إليه فقد ثبت بما قلناه ولو كان الدال على قوله الموضح بالحجج عن صوابه المجتهد في تحسينه وتشييده غير قاصد بذلك الى الدعاء إليه ولا مزيد للاتفاق عليه لكان المقبح للمذهب الكاشف عن عواره الموضح عن ضعفه ووهنه داعيا بذلك الى اعتقاده ومرغبا به الى المصير إليه ولو كان كذلك لكان الزام الشئ مدحا له والمدح له ذما له والترغيب في الشئ ترهيبا عنه والترهيب عن الشئ ترغيبا فيه والامر به نهيا عنه والنهي عنه امرا به والتحذير منه ايناسا به وهذا ما لا يذهب إليه سليم فبطل بذلك ما توهمتموه ووضح ما ذكرناه في تناقض نحلتهم على ما بيناه والله نسئل التوفيق (قال) شيخنا رضي الله عنه ثم عدلت الى صاحب المجلس فقلت له لو سلم هؤلاء القوم من المناقضة التي ذكرناها ولن يسلموا ابدا منها بما بيناه لما سلموا من الخلاف على الله فيما أمر به والرد للنص في كتابه والخروج عن مفهوم احكامه بما ذهبوا إليه من حسن الاختلاف وجوازه في الاحكام قال الله عزوجل * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جائهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم) * آل عمران فنهى الله تعالى نهيا عاما ظاهرا وحذر منه وزجر عنه وتوعد على فعله بالعقاب وهذا مناف لجواز عن الاختلاف وقال سبحانه * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * آل عمران فنهى عن التفرق وأمر الكافة بالاجتماع وهذا في ابطال قول مسوغ الاختلاف وقال سبحانه * (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) * هود فاستثنى المرحومين من المختلفين
--- [ 300 ]
صفحہ 299