من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد الفعل صريح في وجوب تقدمها للفعل إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها ولو كان الامر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل باديا في حالها ولم يتاخر بدوه الى الحال التي هي بعد حالها (فصل) اعلم انا نذهب الى ان الارادة تتقدم المراد كتقدم القدرة للمقدور غير ان الارادة موجبة للمراد والقدرة لا تصلح ان يفعل الشئ فضده بدلا منه والجمع اعراض لا يصح بقاؤها (فصل) من القول في ان الارادة موجبة هو ان الحى متى فعل الارادة لشئ وجب وجود ذلك الشئ إلا ان يمنعه منه غيره فاما ان يمتنع هو لا من مرادة فلا يصح ذلك ومن الدليل على صحة ما ذكرناه انه قد ثبت تقدم الارادة على المراد لاستحالة ان يريد الانسان ما هو فاعل له في حال فعله فيكون مريدا للموجود كما يستحيل ان يقدر على الموجود وإذا ثبت ان الارادة متقدمة للمراد لم يخل أمر المريد لحركة يده من ان يكون واجبا وجودها عقيب الارادة بلا فصل أو كان يجوز عدم الحركة فلو جاز ذلك لم يعدم إلا بوجود السكون منه بدلا منها ولو فعل السكون في الثاني من حال ارادته للحركة لم يخل من ان يكون فعله بارادته له أو سهو عنه ومحال ان يفعله بارادة لأن ذلك موجب لاجتماع ارادتي الحركة والسكون لشئ واحد في حالة واحدة ومحال وجود السكون في حال ارادته للحركة فيبطل جواز امتناع الانسان مما قد فعل الارادة له على ما شرحناه (مسألة) ان قال قائل إذا كنتم تقولون ان ارادة الله تعالى لفعله هي نفس ذلك الفعل ولا تثبتون له ارادة غير المراد فما معنى قولكم اراد الله بهذا الخبر كذا ولم يرد كذا واراد العموم ولم يرد الخصوص واراد الخصوص ولم يرد العموم (جواب) قيل له معنى ذلك ان في المقدور اخبار كثيرة عن اشياء مختلفة فقولنا اراد كذا ولم يرد كذا فهو انه فعل الخير الذي هو عن كذا ولم يفعل الخير الذي هو عن كذا وفعل القول الذي يفهم منه كذا ولم يفهم القول الذي يفهم منه كذا وهذا كقولنا انا إذا قلنا الحمد لله رب العالمين واردنا القزآن كان ذلك قرآنا وإذا اردنا ان منا ان يكون منا شكرا لله تعالى كان كذلك فانا لسنا نريد ان قولا واحدا ينقلب بارادتنا قرآنا ان جعلناه قرآنا ويكون كلامنا ان جعلناه لنا كلاما وإنما معناه ان في مقدورنا كلامين نفعل هذا مره وهذا مره فإن قال فكان من قولكم ان الحمد لله رب العالمين إذا اردتم به القرآن يكون مقدورا لكم قلنا
--- [ 28 ]
صفحہ 27