الکامل فی التاریخ
الكامل في التاريخ
ایڈیٹر
عمر عبد السلام تدمري
ناشر
دار الكتاب العربي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
اصناف
تاریخ
وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ: «ذَاكَ خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ»، بِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ قَوْمَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ وَهُمْ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ.
وَالْأَيْكَةُ: شَجَرٌ مُلْتَفٌّ، وَكَانُوا أَهْلَ كُفْرٍ بِاللَّهِ، وَبَخْسٍ لِلنَّاسِ فِي الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ، وَإِفْسَادِ أَمْوَالِهِمْ، وَكَانَ اللَّهُ وَسَّعَ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ وَبَسَطَ لَهُمْ فِي الْعَيْشِ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ مِنْهُ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾ [هود: ٨٤] .
فَلَمَّا طَالَ تَمَادِيهِمْ فِي غَيِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ وَلَمْ يَزِدْهُمْ تَذْكِيرُ شُعَيْبٍ إِيَّاهُمْ وَتَحْذِيرُهُ عَذَابَ اللَّهِ إِيَّاهُمْ إِلَّا تَمَادِيًا، وَلَمَّا أَرَادَ إِهْلَاكَهُمْ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ عَذَابَ يَوْمِ الظُّلَّةِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٨٩] . فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَقْدَةً وَحَرًّا شَدِيدًا فَأَخَذَ بِأَنْفُسِهِمْ، فَخَرَجُوا مِنَ الْبُيُوتِ هِرَابًا إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَحَابَةً فَأَظَلَّتْهُمْ مِنَ الشَّمْسِ، فَوَجَدُوا لَهَا بَرْدًا وَلَذَّةً فَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى اجْتَمَعُوا تَحْتَهَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَارًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَذَلِكَ ﴿عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] .
وَقَالَ قَتَادَةُ: بَعَثَ اللَّهُ شُعَيْبًا إِلَى أُمَّتَيْنِ: إِلَى قَوْمِهِ أَهْلِ مَدْيَنَ، وَإِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ وَكَانَتِ الْأَيْكَةُ مِنْ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بَعَثَ عَلَيْهِمْ حَرًّا شَدِيدًا وَرَفَعَ لَهُمُ الْعَذَابَ كَأَنَّهُ سَحَابَةٌ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُمْ خَرَجُوا إِلَيْهَا رَجَاءَ بَرْدِهَا، فَلَمَّا كَانُوا تَحْتَهَا أَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ [الشعراء: ١٨٩] .
وَأَمَّا أَهْلُ مَدْيَنَ فَمِنْهُمْ مِنْ وَلَدِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِالرَّجْفَةِ، وَهِيَ الزَّلْزَلَةُ، فَأُهْلِكُوا.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَانَ قَوْمُ شُعَيْبٍ عَطَّلُوا حَدًّا، فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، ثُمَّ عَطَّلُوا حَدًّا فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، فَجَعَلُوا كُلَمَّا عَطَّلُوا حَدَّا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ هَلَاكَهُمْ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ حَرًّا لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَقَارُّوا وَلَا يَنْفَعَهُمْ ظِلٌّ وَلَا مَاءٌ حَتَّى ذَهَبَ ذَاهِبٌ مِنْهُمْ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ ظُلَّةٍ فَوَجَدَ رَوْحًا فَنَادَى أَصْحَابَهُ: هَلُمُّوا
1 / 139