باب
جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية
قال أبو العباس: وجه علي بن أبي طالب ﵁ جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ﵀ يأخذه بالبيعة له، فقال له: إن حولي من ترى من أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار، ولكني اخترتك لقول رسول الله ﷺ فيك: "خير ذي يمن"، إيت معاوية فخذه بالبيعة، فقال جرير: والله ياأمير المؤمنين ما أدخرك من نصرتي شيئًا، وما أطمع لك في معاوية، فقال علي ﵁: إنما قصدي حجة أقيمها عليه، فلما إتاه جرير دافعه معاوية، فقال له جريرٌ: إن المنافق لا يصلي حتى لا يجد من الصلاة بدًا، ولا أحسبك تبايع حتى لا تجد من البيعة بدًا فقال له معاوية: إنها ليست بخدعة الصبي عن اللبن إنه أمر له ما بعده، فأبلعني ريقي. فناظر عمرًا، فطالت المناظرة بينهما، وألح عليه جرير، فقال له معاوية: ألقاك بالفصل في أول مجلس إن شاء الله تعالى.
ثم كتب لعمرو بمصر طعمة، وكتب عليه: "ولا ينقض شرطٌ طاعة"، فقال عمرو: يا غلام اكتب، ولا تنقض طاعة شرطًا، فلما اجتمع له أمره رفع عقيرته١ ينشد ليسمع جريرًا:
تطاول ليلي واعترتني وساوسي ... لآتٍ أتى بالترهات البسابس٢
أتاني جريرٌ والحوادث جمةٌ ... بتلك التي فيها اجتداع المعاطس
أكايده والسيف بيني وبينه ... ولست لأثوب الدني بلابس
إن الشأم أعطت طاعةً بمنية ... تواصفها أشياخها في المجالس
فإن يفعلو أصدم عليًا بجبهةٍ٣ ... تفت عليه كل رطبٍ ويابس
وإني لأرجو خير ما نال نائلٌ ... وما أنا من ملك العراق بيائس
١ العقيرة: الصوت.
٢ البسابس في الأصل: القفر الواسع، يري الأباطيل.
٣ زيادات ر: "الجبهة: جماعة الخيل".