9 - عمنا سام
10 - من الذي هدم الهيكل؟
كم عمر الغضب؟
كم عمر الغضب؟
هيكل وأزمة العقل العربي
تأليف
فؤاد زكريا
مقدمة
قبل أن يظهر كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل المشهور «خريف الغضب» في الأسواق، نشر على هيئة سلسلة من المقالات في صحيفة «الوطن» الكويتية، وطوال الوقت الذي كانت تنشر فيه هذه المقالات، كانت سلسلة أخرى من الأفكار تتفاعل في ذهني وتتبلور يوما بعد يوم. كان كتاب هيكل، بغير شك، هو السبب المباشر في إثارة هذه الأفكار، ومع ذلك فقد كانت أصولها أبعد من ذلك وأعمق بكثير؛ إذ كانت في نهاية المطاف تأملات في تلك الأزمة العقلية الشاملة التي شوهت تفكيرنا، حكاما ومحكومين، في النصف الثاني من القرن العشرين. وحين اطلعت على ردود الفعل التي أثارها كتاب هيكل، أو ما نشر منه، في الأوساط الرسمية والإعلامية والثقافية المصرية، والطريقة التي استجاب بها الناس له، ما بين موافق ومخالف، ازدادت الأمور في ذهني وضوحا، وتبين لي أن المناخ السائد، الذي تولدت عنه هذه الأزمة العقلية، يلف الجميع، من مؤيدين ومعارضين، مهما بدا من اختلاف ردود أفعالهم في الظاهر، وكانت المهمة التي أخذتها على عاتقي هي أن أحدد أبعاد هذه الأزمة، وأثبت أن المشكلة ليست مشكلة هيكل وحده، أو مشكلة التضاد بين هيكل وتلك القوى التي وقفت تحتج وتعترض عليه، وإنما هي أوسع من ذلك وأخطر، فقد تشوهت أشياء كثيرة في عقولنا، بفعل فترة القمع الطويلة التي لم تسمح لفكرنا بأن ينمو ويتطور بحرية، وإذا كان هذا التشويه قد ظهر بوضوح كامل في معركة «خريف الغضب»، بين أنصار هيكل وخصومه، فإن هذه المعركة لم تكن في الواقع إلا مظهرا واحدا لداء أصبح متأصلا في عقولنا، ولطريقة في التفكير فرضت نفسها على مختلف أطراف الصراع السياسي والاجتماعي الراهن.
في ضوء هذه الفكرة المحورية سجلت آرائي في هذا الموضوع في عشر مقالات كتبتها في عشرة أيام، وإن كان مضمونها حصيلة تفكير طويل، وظهرت في صحيفتي «الوطن» الكويتية، و«الرأي» الأردنية في وقت واحد، ونشرت خلال شهري يونيو، ويوليو 1983م، وكانت ردود الفعل على هذه المقالات دليلا واضحا على صحة تشخيصي للأزمة، التي انتابت العقل العربي نتيجة لعهود القمع الطويلة.
نامعلوم صفحہ