جزء في مصافحة الإِمَامِ مُسْلِمٍ وَالإِمَامِ النَّسَائِيِّ
تَخْرِيجُ شَيْخِنَا الإِمَامِ الْحَافِظِ جَمَالِ الْمُحَدِّثِينَ شَرَفِ الدِّينِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَلَفٍ الدِّمْيَاطِيِّ
تَغَمَّدَهُ اللَّهُ برحمته
1 / 249
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُعَمِّرُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِ، عَنِ الشَّرِيفِ النَّقِيبِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عبد الله بن العباس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمَكِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ الشَّافِعِيُّ الْمَكِّيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِهَا، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ العبقسي الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّيْبُلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الأَزْهَرِ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دينار، عن ابن عمر ﵄ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلا يَحْلِفْ إِلا بِاللَّهِ»، وَكَانَتْ
1 / 251
قُرَيْشٌ، تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ: «لا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَيَحْيَى بن أيوب، وقتيبة، وعلي ابن حُجْرٍ، أَرْبَعَتِهِمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ.
فَوَقَعَ بدلا عاليًا تساعيا.
رواه أيضًا نازلًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
فَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْعَدَدِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَصَافَحْتُهُ بِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَهُوَ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
1 / 252
حَدِيثٌ مُصَافَحَةٌ لِمُسْلِمٍ
قَرَأْتُ عَلَى الشَّيْخَةِ الصَّالِحَةِ سِتِّ الْعَشِيرِ أُمِّ حَمْزَةَ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيَّةِ الأَسَدِيَّةِ الزُّبَيْرِيَّةِ، بِالسُّوقِ الأَعْلَى مِنْ حُمَاةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ وَلَدِهَا الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى حَمْزَةَ بن محمد بن الحسن بْنِ حَمْزَةَ الْبَهْرَانِيِّ الْحَاكِمِ بِحُمَاةَ.
وَتُوُفِّيَتْ بِهَا يَوْمَ الأَحَدِ قَبْلَ الْعَصْرِ الْخَامِسَ مِنْ رَجَبٍ، ودفنت من الغد سنة ست وأربعين وستمائة.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ: مَنْصُورُ بْنُ الدَّمَّاغِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ياقوت، وأحمد بن رئيس، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ الدِّمْيَاطِيُّ الفقيه،
1 / 253
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ التِّلْمِسَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الصَّيْرَفِيُّ ﵃.
عَنِ الأَشْيَاخِ الْخَمْسَةِ: الإِمَامِ الْمُفْتِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّسْتُمِيِّ، وَأَبِي الْفَرَجِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ أحمد ابن أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ اللَّبَّادِ، وَأَبِي الْغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَأَبِي الْقَاسِمِ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّاجِرِ الْمَعْرُوفِ بِفُورَجَةَ.
قَالَ الرُّسْتُمِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى عَبْدُ الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن ابن زِيَادٍ، وَأَبُو الْفَضْلِ الْمُطَهِّرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عبد الله بن الفضل بن الربيع البزاني.
1 / 254
وقال الثقفي: أخبرنا ابن زياد المذكور.
وقال الباقون: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة الأنصاري، قالوا: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري، أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن يحيى بن الحكم الحزروري، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي الملقب بلوين، حدثنا ابن عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ، عن أمه، قالت: كنت مع عائشة –﵂ في الطواف، فذكروا حسانا، فوقعوا فيه، فنهتهم عنه، وقالت: أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفوء ... فشركما لخير كما الفداء
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
هكذا ساقه محمد بن سعد في «الطبقات» فقال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا ابن جريج، حدثني مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أنها كانت تطوف مع عائشة، ومعها عاتكة بنت خالد بن العاص وأم عبد الوهاب بن عبد الله بن أبي ربيعة قالت: فذكرنا حسان بن ثابت، ذكرناه بسبه إياها، قالت ابن الفريعة: تسببن! قلنا: نعم، قال ذلك. فبرأته من ذلك، وقالت: أليس الذي يقول:
1 / 255
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ محمد منكم وقاء
وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَتَرْجَمَهُ عَنْ أمه عن عائشة ترجمة حسنة محفوظة.
أخرجه ابن ماجه، والترمذي، وصححه.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِيْ كِتَابِ «الْفَضَائِلِ» مِنْ «مُسْنَدِهِ الصَّحِيحِ» عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْمَصْرِيِّ، عَنْ سَعيِدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ اللَّيْثِيِّ مَوْلاهُمْ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِّيَّةَ الأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرٍ أَخِي عُثْمَانَ، وَجَدُّ ثمان أولا: عَمْرٍو وَآلِيَةِ الْبَيْتِ أَخِي عَامِرٍ وَعَبْدِ مَنَافٍ، وأولاد كعب أخي حارثة بن سعيد بن تيم بن مُرَّةَ الْقُرَشَيِّةِ التَّيْمِيَّةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِيبَةِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ إِلَيْهَا –﵂ فَكَأَنِّي شَافَهْتُ بِهِ الإِمَامَ النَّاقِدَ أَبَا الْحُسَيْنِ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ مُسْلِمٍ الْمُضَرِيَّ القيسي الهوزاني الْعَامِرِيَّ الْقُشَيْرِيَّ.
قُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ أَخُو عُقَيْلٍ وَجَعْدَةَ وَالْحُرَيْشُ، أَوْلادُ كَعْبٍ أَخِي كِلابٍ وَكُلَيْبٍ، وَهُمَا مِنْ وَلَدِ الْبَكَّاءِ وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ، أَوْلادُ رَبِيعَةَ أَخِي هِلالٍ.
1 / 256
اخْتَصَرْتُ مَعْهُ مَا هُنَا مِنَ الْكَلامِ لِطُولِهِ، ثُمَّ قَالَ:
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَخِي عُثْمَانَ وَاِلِد الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ أَخِي حَكِيمِ بن حزام، إلى أن قال: أخبرناه أبو محمد عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي الْمَنْصُورِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكَ الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الأَصْبَهَانِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْخَطَّابِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَارِئُ، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رِزْقَوَيْهِ، فِيْ صَفَرَ سَنَةَ إحدى عشر وأربعمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ خَلَفٍ السَّابِحُ –بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الهيثم الدير عاقولي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا
1 / 257
سفيان ابن عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: طُفْتُ مَعَ عَائِشَةَ بِالْبَيْتِ فِيْ نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ وَذَكَرْنَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَوَقَعْنَ فِيهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللَّهِ فِيْ ذَاكَ الْجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءٌ
وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» .
قَالَ عبد الكريم، وزاد إبراهيم بن المنذر عن سفيان:
أتهجوه ولست له بكفوء ... فشركما لخير كما الْفِدَاءُ
وَقَدْ وَقَعَ إِلَيْنَا حَدِيثُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَاهُ الأَشْيَاخُ الأَرْبَعَةُ: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ مَحْمُودِ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَلِيٍّ الْمَحْمُودِيُّ الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحسين بْنِ رَوَاحَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الحرم مَكِّيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَابُلْسِيُّ قِرَاءَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُنْفَرِدًا قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ،
1 / 258
أَخْبَرَنَا الرَّئِيسُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمُودِ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ الْمُزَكِّي، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ محمد عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعيِدٍ الدَّارَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعيِدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِّيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمن، عن عائشة ﵂ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» . فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: «اهْجُهُمْ»، فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: «قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ» . ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لأَفْرِيَنَّهُمْ بِهِ فَرْيَ الأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا تعجل وإيت أَبَا بَكْرٍ فَهُوَ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لي فيهم نسبا حتى يخلص لك نسبي»، فَأَتَاهُ حَسَّانٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَخْلَصَ لِي نَسَبُكَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأُسَلِّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ العجين.
1 / 259
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِحَسَّانٍ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ الله ورسوله» .
قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانٌ فَشَفَى وَاسْتَشْفَى» .
قَالَ حَسَّانٌ:
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذَاكَ الْجَزاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لَعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء
تنازعها الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الأُسُلُ الظَّمَّاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... تَلْطُمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمْ عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الحق ليس به خفاء
وقال الله قد يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الأَنْصَارِ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
يُلَاقَى مِنْ مَعْدٍ كُلَّ يَوْمٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ ... ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء
وأخبرناه أَيْضًا عَالِيًا وَمُوَافَقَةً: الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بن الخليل بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ عَوْدًا على بدء، أخبرنا أبو الحسن مسعود
1 / 260
عن أبي منصور وسعد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الحسن الحداد، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلادٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الله بن بكير، حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ ح.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا أبو محمد بن حيان، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. قَالُوا: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الكريم، حدثني أبي، وشعيب، عن الليث ح.
وقال: وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ
1 / 261
بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعيِدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِّيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن عائشة ﵂: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «اهْجُ قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَقُّ عَلَيْهَا من رَشْقٌ بِالنَّبْلِ» . فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: «اهْجُهُمْ»، فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حَسَّانٌ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الأديم. فقال له رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وإن لي فيهم نسبا حتى يخلص لك نَسَبِي»، فَأَتَاهُ حَسَّانٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَلُصَ لِي نَسَبُكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأُسَلِّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لِحَسَّانٍ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» .
وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «هَجَاهُمْ حَسَّانٌ فشفى واستشفى» .
قال حسان:
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مُبَارَكًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وِقَاءٌ
عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النقع في كنفي كداء
1 / 262
ينازعن الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الأُسُلُ الظَّمَّاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتُ ... تَلْطُمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُوا عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الحق ليس به خفاء
وقال الله قد يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
لَنَا فِيْ كُلِّ يَوْمٍ مَنْ مَعْدٍ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ منكم ... ويمدحه وينصره سواء
وجبريل رسول الله فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
قَالَ أبو نعيم: اللفظ لابن ملحان، عن ابن بكير وعبد الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبٍ مِثْلَهُ.
قُلْتُ: وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ عُرْوَةُ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الشِّعْرِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، عن النَّبِيِّ ﷺ.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُودِ بْنِ سَالِمِ بْنِ مَهْدِيٍّ الْمُقْرِئُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَيْرِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْبَدْرِ بْنِ مُقْبِلِ بْنِ فتيان بن مطر النهرواني، الفقيه الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُنَى بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ بِبَغْدَادَ، قالا: أخبرتنا الجهة العالمة الكاتبة شهدة
1 / 263
بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الآبري الدينوري، قراءة عليها ونحن نسمع، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بن محمد عبد اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بن الهيثم الدير عاقولي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ –﵄ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ فَرَأَى النِّسَاءَ يَلْطُمْنَ وُجُوهَ الْخَيْلِ بِالْخُمُرِ، فَتَبَسَّمَ إِلَى أَبِي بكر ﵁ وَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ»؟
فَأَنْشَدَهُ:
عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء
ينازعن الأعنة مصغيات ... على أكنافها الأُسُلُ الظَّمَّاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يَلْطُمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَدْخِلُوهَا مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانٌ» .
1 / 264
قُلْتُ: وَأَوَّلُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ:
عَفَتْ ذَاتُ الأَصَابِعِ والجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
دبار من بني الحسحاس قَفْرٌ ... تُعْفِيهَا الرَّوَامِسُ وَالسَّمَاءُ
وَكَانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أَنِيسٌ ... خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
فَدَعْ هذا ولكن من لطيف ... يؤرقني إذا ذهب الْعِشَاءُ
لِشَعْثَاءَ الَّتِي قَدْ تَيَّمَتْهُ ... فَلَيْسَ لِقَلْبِهِ منها شفاء
كأن خبيبة مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ ... يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
عَلَى أَنْيَابِهَا أَوْ طَعْمٌ غَضٌّ ... مِنَ التُّفَّاحِ هَصَرَهُ اجْتِنَاءُ
إِذَا مَا الأَشْرِبَاتُ ذَكَرْنَ يَوْمًا ... فَهُنَّ لِطِيبِ الرَّاحِ الْفِدَاءُ
نُوَلِّيهَا الْمَلامَةَ إِنْ أَلَمْنَا ... إِذَا مَا كَانَ مَغْثً أَوْ لِحَاءُ
ونشربها فتجعلنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنها اللقاء
عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ موعدها كداء
ينازعن الأعنة مصعدات ... على أكتافها الأسل الظماء
لَنَا فِيْ كُلِّ يَوْمٍ مَنْ مَعْدٍ ... سِبَابٌ أو قتال أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا ... ونضرب حين يختلط الدماء
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ ليس به خفاء
شهدت به فقوموا صدقوه ... فقالوا لا نقوم ولا نشاء
ألا أبلغ أبا سفيان عنا ... مغلغلة فقد برح الخفاء
بأن سيوفنا تركتك عبدا ... وعبد الدار سادتها الإماء
في رواية:
ألا أبلغ أبا سفيان عنى ... فأنت مجوف نخب هواء
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
1 / 265
فذكر البيت، ثم قال في أخرها:
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري لا تكدره الدلاء
وكان حسان بن ثابت يقال له: شاعر النبي ﷺ.
ويكنى أبا وليد.
وهو أخو أوس.
1 / 266
حديث مصافحة للنسائي ﵀
أخبرنا الأشياخ: أبو الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة بن المسلم بن أحمد بن علي اللخمي الفقيه مرات بفسطاط مصر، وأبو محمد بن أبي المنصور، وأبو القاسم بن أبي الحرم المالكيان بالاسكندرية في الشافية قراءة وسماعا، والإمام العلامة أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب السخاوي كتابة من دمشق، قالوا أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الفقيه الحافظ قراءة عليه ونحن نسمع بالثغر، أخبرنا الرئيس أبو الحسن مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَلانَ الْكَرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ بِنَيْسَابُورَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ
1 / 267
الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَسَدٍ الْمَرْوَزِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ﵄ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي، وَإِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي، وَإِلَيْكَ أَلْجَأْتُ ظَهْرِي، رَغْبَةً، وَرَهْبَةً، لا مَلْجَأَ، وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِرَسُولِكَ أَوْ نَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مَاتَ، مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ» .
صَحِيحٌ ثَابِتٌ، كُوفِيُّ الإِسْنَادِ تُسَاعِيَّةٌ، مُجْمَعٌ على صحته وثبوته من حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِيِ «الدَّعَوَاتِ» عن ابن أبي عمرو.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي «الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، عَنْ قُتَيْبَةَ، كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
فَوَقَعَ بَدَلا عَالِيًا لَهُمَا.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فِيِ «الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
1 / 268
بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعيِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
فَبِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ كَأَنِّي شَاهَدْتُ فِيهِ الإِمَامَ الْحَافِظَ أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النَّسَائِيَّ، وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ، وَصَافَحْتُهُ بِهِ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بمكة سنة ثلاثمائة، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدْ وَقَعَ إِلَيْنَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
أَخْبَرَنَاهُ الشَّيْخَانِ: أَبُو مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُودِ بْنِ سَالِمِ بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ المقرئ وأبو عبد الله محمد بن أبي البدر معقل بن يسار ابن مطر النهرواني الفقيه، بقراءتي عليهما منفردين ببغداد في الرحلة الأولى، قَالا: أَخْبَرَتْنَا الْكَاتِبَةُ الْعَالِمَةُ شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الآبري الدَّيْنَوَرِيِّ، قِرَاءَةً عَلَيْهَا وَنَحْنُ نَسْمَعُ ح.
وَقَرَأَتْهُ أَيْضًا بِمَارَدِينَ عَلَى الْفَقِيهِ الإِمَامِ الْمُعَمَّرِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَبِي ذَرٍّ الْمُعَمَّرِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سلمون الْعِرَاقِيِّ النَّشْتَبَرِيِّ نَزِيلِ مَارَدِينَ، أَخْبَرَكَ أَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن نجا بن محمد بن علي بن شاتيل الدباس، قرأت عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ بِبَغْدَادَ، قَالا:
1 / 269