مدونة أحكام الوقف الفقهية
مدونة أحكام الوقف الفقهية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
اصناف
المبحث السابع الوقف في العصر الأيوبي (٥٦٩ - ٦٤٨ هـ/١١٧٣ - ١٢٥٠ م)
يمثل العصر الأيوبي صفحة مضيئة في تاريخنا الحضاري، ففي هذا العصر حُرِّر بيت المقدس من الاحتلال الصليبي عام ٥٨٣ هـ / ١١٨٧ م، وتم إحياء فكرة وحدة الأمة، حيث تمكَّن صلاح الدين الأيوبي من توحيد مصر تحت سلطان الدولة الأيوبية، وتم إعادة تفعيل دور "الجامع الأزهر" في تأدية رسالته التي تخدم العلم والعلماء والمسلمين بمختلف شرائحهم.
إن الظروف التي وُلدت بها الدولة الأيوبية حتَّمت عليها العمل بكل طاقاتها لتحصين الجبهة الداخلية، عن طريق نشر المعرفة ومبادئ العقيدة الصحيحة، والأخذ بأيدي الشرائح الضعيفة؛ حتى لا تشعر بالتهميش والإقصاء، وحتى لا تكون فريسة سهلة للاختراق من قبل أعداء الأمة، وعلى رأسهم الصليبيون في سواحل الشام، كما تطلب الأمر العمل بكل جدٍّ واجتهاد على تقوية المؤسسة العسكرية، والمحافظة على جاهزيتها لمواجهة الخطر الصليبي، المتحفِّز في سواحل بلاد الشام لإعادة احتلال مدينة القدس من جديد، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف عمل الأيوبيون على استغلال لوقف ومتحصلاته لتعزيز الهوية العربية الإسلامية للأقاليم التي مسخ الاحتلال الصليبي هويتها في بلاد الشام، وعلى وجه الخصوص مدينة القدس، فكانت معظم واردات أوقافهم تنفَق على التعليم بمؤسساته المختلفة؛ من مدارس، ومساجد، ورُبط، وزوايا، وخانقاوات، وفكاك أسرى المسلمين من أيدي الفرنج، وكفالة الأيتام، ورعاية الأرامل، وتأمين الحياة الكريمة للفقراء والمساكين، وغيرها من المصارف التي تهدف إلى تأمين الحياة الكريمة لكل من يتفيأ ظلال الدولة الأيوبية، وتدل المصادر التاريخية والمخلفات الأثرية على كثرة الأوقاف التي وقفها صلاح الدين الأيوبي وبقية أفراد أسرته، وحاشيته، وكبار قادته؛ حيث أكثروا من أعمال البر والإحسان اقتداءً به (^١).
(^١) انظر: الأوقاف والتعليم في عصر الأيوبيين، د محمد محمد أمين، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، مؤسسة آل البيت، ١٩٩٠ م، ٣/ ٨٠٧ - ٨٠٨، Rosen - Ayalon، Myriam ٧٢ - ٦٥:١٨ (١٩٨٥). Art and Architecture in Ayyubid، Jerusalem
1 / 76