جهود القبانی المسرحیہ فی مصر
جهود القباني المسرحية في مصر
اصناف
ظل القباني في سورية ثلاث سنوات يفكر في أحوال فنه وفرقته، وأخيرا قرر ألا يطعن بالسلاح نفسه مرتين! فإذا كان منع من التمثيل في سورية بأمر من الوالي، فإنه لن يقبل التخلي عن رسالته المسرحية في مصر بأمر من جريدة مغرضة. وبناء على ذلك عاد القباني في مايو 1889م بفرقة جديدة تحمل الجديد في العروض والفصول المضحكة وألعاب السيف والترس، كما جاء بممثل خاص للفصول المضحكة، هو «أبو الخير» بدلا من محيي الدين الدمشقي الذي انضم إلى فرقة القرداحي.
وبهذا الشكل الجديد عرضت الفرقة عروضها المسرحية بمقهى الدانوب بالإسكندرية، حيث عرضت مجموعة من مسرحيات رصيدها الدرامي، مثل: الأمير محمود، ونفح الربى، وعنترة العبسي، وأنس الجليس، والشيخ وضاح وقوت الأرواح، وعائدة، وناكر الجميل.
170
كما عرضت أيضا مسرحيتين جديدتين: الأولى «جميل وجميلة»، وهي مسرحية مفقودة النص، ورغم ذلك يندرج موضوعها ضمن اهتمام القباني بإحياء التراث؛ حيث جاء وصفها بأنها: «مسرحية عربية تاريخية».
171
وهذه المسرحية عرضتها الفرقة كثيرا فيما بعد، ومن المحتمل أن تكون من تأليف القباني وضاع نصها، وما أكثر نصوص القباني الضائعة.
والمسرحية الجديدة الأخرى كانت «جينياف»، ولكن القباني عرضها مرة واحدة فقط، مما يجعلنا نشك في أنها جديدة، بل من المحتمل أنها مسرحية «عاقبة الصيانة وغائلة الخيانة»، وقد عرضها باسم «جينياف»؛ لأن جريدة الأهرام في إعلانها - المنشور بتاريخ 7 / 5 / 1889 - قالت إنها «رواية تدل على حسن عاقبة العفاف والصيانة، وسوء منقلب أهل الظلم والفساد»، وهو المعنى نفسه لمسرحية «عاقبة الصيانة وغائلة الخيانة». وهناك احتمال آخر بأن تكون بالفعل مسرحية «جينياف» - تأليف كريستوف النمساوي - التي ترجمها ميخائيل إبراهيم جهشان، وطبعت في المطبعة الأدبية ببيروت عام 1878م. ومهما كان أصلها، فإن موضوعها يدخل ضمن موضوعات عروض القباني الممثلة لرسالته المسرحية.
والجدير بالذكر أن هذه العروض - في مجملها - لم تنجح النجاح المأمول منها، فانقطعت أخبار القباني أربعة أشهر، ربما كان يمثل في الأقاليم، أو على الأرجح عاد إلى سورية مرة أخرى لت جديد فرقته بعد أن وعى الدرس جيدا من هجوم جريدة الزمان، عندما عابت عليه استخدام الرجال في أدوار النساء؛ لهذا ظهرت فرقة القباني في أواخر سبتمبر 1889م، بشكل جديد؛ حيث قرأنا - ولأول مرة - أخبارا عن استحسان الجمهور تمثيل إحدى الممثلات؛ مما يدل على أن القباني استخدم - أخيرا - العنصر النسائي في فرقته.
وهذا الاستخدام لا يعد انحرافا كبيرا في رسالة القباني المسرحية في هذا الوقت؛ بسبب وجود الممثلات بكثرة في الفرق المنافسة الأخرى، أمثال: فرقة إسكندر فرح، وجوق السرور لميخائيل جرجس، وفرقة سليمان القرداحي. لذلك أراد القباني ألا يقل في مستواه الفني عن بقية الفرق الأخرى؛ ليظل صامدا من أجل هدف أسمى، وهو إيصال رسالته إلى أكبر عدد من جمهوره، ولكن هذا التفكير جاء متأخرا، فلم يجذب العنصر النسائي في فرقة القباني الجمهور بشكل كبير؛ لوجود هذا العنصر بعدد أكبر، وبصورة محترفة في بقية الفرق؛ لذلك عرض القباني القليل من عروضه المسرحية على مسرح شارع عبد العزيز،
172
نامعلوم صفحہ