Hinterland .
ومن أنواع المرافئ الجيدة تلك التي تتكون عند بركان لعبت التعرية دورها في تشقيق أحد جوانبه وساعدت عملية غرق الشواطئ على تكوين قوس كبير محمي من الرياح والأمواج، لكن في غالب الأحيان لا تقوم الموانئ هنا إما لصغر حجم المنطقة التي يقوم فيها البركان، أو لخشية تكرر ظاهرة البركنة، هذا بالإضافة إلى أن الشاطئ يصبح وعر المرتقى، وربما كانت عدن الميناء الوحيد الكبير الذي يقوم في ظروف مشابهة لهذا النوع بعض الشيء؛ فالميناء يقوم في حماية عنقين بركانيين.
ومن الأشكال الطبيعية الأخرى التي تهيئ مرافئ جيدة ما يعرف باسم المرافئ المرجانية. وهذه المرافئ تتكون داخل البحيرات التي تكونها مجموعات الجزر الشائعة الانتشار في المحيط الباسيفيكي والمعروفة باسم أتول
Atoll ؛ فالتكوين المرجاني لهذه الجزر عبارة عن بحيرة واسعة في شكل قوس أو دائرة يحيط بها التكوين المرجاني من الخارج. وهناك أماكن كثيرة في الباسيفيكي تصلح لتكون موانئ محمية ممتازة من هذا النوع؛ مثال ذلك جزيرة تروك التي حولها اليابانيون قبل الحرب العالمية الثانية إلى قاعدة حربية بحرية هائلة.
فمحيط البحيرة الوسطى في هذه الجزيرة كان طوله 225 كيلومترا، وفي داخل البحيرة عدة جزر تصلح مراسي للسفن، وبيرل هاربور (هونولولو) وسوفا (فيجي) وفلمستاد (كوراساو) موانئ مرجانية من هذا النوع، لكن مثل هذه الموانئ لا تظهر إلا إذا كانت هناك مجموعة من الظروف والعوامل البشرية والمكانية التي تساعد على نشأة الميناء، وبدون ذلك لا يقام الميناء؛ فالمحيط الباسيفيكي مليء بهذه الظروف الطبيعية، لكن القليل منها هو الذي أقيمت عليه موانئ جيدة، وعلى وجه العموم فإن مثل هذه الموانئ تحتاج إلى تطهير مستمر لمداخل الميناء وأعمال صيانة كثيرة كي يظل الميناء مفتوحا للملاحة.
وهناك أيضا الموانئ التي يمكن أن تقام على ألسنة أو حواجز ساحلية؛ إذ تصبح هناك أماكن محمية بينها وبين خط الساحل المقابل، لكن هذه الموانئ لا تصلح في الأماكن التي تتعرض للعواصف العنيفة (هاريكين أو تورنادو ... إلخ)؛ وذلك لأنها غير مرتفعة بما فيه الكفاية لكي تحمي المنطقة الداخلية من الأمواج العالية. ومن الأمثلة على ذلك ميناء فنيسيا (البندقية) الذي قام في حماية مثل هذه الحواجز، وميناء لاجوس (نيجيريا) يقع في مدخل مد وجزر وراء حاجز من هذا النوع. وكذلك الإسكندرية تقع كلها على حاجز ساحلي كان يحميه أيضا (في الماضي) جزيرة فاروس التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من المدينة والميناء، وفي خليج المكسيك نجد ميناء جالفستون يقوم على الجزء الداخلي من حاجز ولسان رملي. وقد كسي هذا الحاجز بحوائط من الأسمنت المسلح لمنع تآكله، وفيما بين اللسان والشاطئ مسطح مائي كبير (لاجونة) عمقت مياهها بواسطة الكراكات.
وبذلك أصبح في الإمكان تحويل هيوستن إلى ميناء كبير داخلي. وعلى المنوال نفسه نجد ميناء موبيله شرقي دلتا المسيسبي الذي يقع على لاجونة ساحلية كبيرة بعد حفر قناة من أمام الشواطئ والألسنة عبر اللاجونة يبلغ طولها حوالي 60 كيلومترا. وكذلك أقيم ميناء دربان (جنوب أفريقيا) على حاجز مماثل ، ومثله ميناء لوبيتو (أنجولا)، ومن الطبيعي أن كل هذه الموانئ تحتاج إلى عمل دائم لتطهير قاع اللاجونات من تراكم الإرسابات، وتعميق المجرى، وحماية الألسنة من التآكل. وقد أصبح ذلك ممكنا مع تقدم آلات الحفر من الروافع والبناء الميكانيكية التي تعمل فوق مسطحات الماء.
ونوع آخر من الموانئ يقوم في الشواطئ التي توجد أمامها جزر تحميها من العواصف والأمواج، وفي أحيان تضم هذه الجزر بعد ذلك إلى الميناء. ومن الأمثلة التاريخية الإسكندرية. ومن الأمثلة الحديثة نسبيا بمباي (الهند). أما الموانئ التي لا تزال محمية بالجزر، فمن أمثلتها هونج كونج، وميناء جورجتاون في جزيرة بنانج (مضيق ملقا بين ماليزيا وسومطرة)، ولو أن الميناء هنا يقوم على ساحل الجزيرة في مواجهة الشاطئ الماليزي.
وهناك مجموعة أخرى من الموانئ توجد على مصبات الأنهار أو فروع الدلتاوات النهرية، أو على الأنهار العريضة في الداخل (مثل ميناؤس في داخل حوض الأمازون). وقد كان هذا النوع من الموانئ يجد في هذه الظروف الطبيعية ما يهيئ مرافئ جيدة محمية بواسطة وجود ضفتي المصب أو النهر. ولكن الكثير من هذه الموانئ قد أهملت بعد أن أصبحت السفن ذات حجم كبير، وذلك راجع إلى استمرار تراكم الإرسابات النهرية. ومن الأمثلة على ذلك ميناء بريستول على نهر الأفون الذي لم يعد باستطاعته استقبال سفن حمولتها أكثر من ثلاثة آلاف طن، وأصبح على السفن الأكبر من ذلك أن تتعامل مع الميناء الجديد الذي أقيم على الشاطئ مباشرة، والذي يسمى ميناء أفون ماوث
Avon mouth (ميناء متقدمة).
نامعلوم صفحہ