سیاسی جغرافیہ
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
اصناف
وحياة هذه الدولة تمثل ظاهرة غير طبيعية، فهي تمتد فوق مساحات من النطاقين المعتدل والمداري، نطاقات ممطرة وأخرى شديدة الجفاف، وتشتمل على هضاب وسهول وأنهار عريضة طويلة وأودية نهرية ضيقة ومستنقعات دلتاوية شاسعة وتلال مليئة بالغابات، وتشتمل على عدد كبير من السلالات المغولية الفرعية التي تتكلم لغات مختلفة، ولكن الدولة الصينية قد بنيت على أساس واحد جمع كل هذه المتفرقات: فكرة الوحدة الحضارية. ولقد بقيت الصين حتى اليوم مجتمعا زراعيا شاسعا ريفيا بكل معنى الكلمة، شديد المحافظة، وأحسن مثال لذلك أن الكتابة الصينية - التي ترمز إلى الشيء وليس إلى الكلمة - قد ساعدت السكان على أن يتبادلوا أكثر الأفكار تجريدا وحساسية وأعمق المعاني، وأن يقرءوا نفس الكتاب دون أن يستطيعوا فهم لغة بعضهم المنطوقة.
هذا الترابط الغريب قد قوي أكثر وأكثر بعد 1949 نتيجة وصول الحزب الشيوعي إلى الحكم، الذي كان يحلم بخلق دولة «ديكتاتورية» جماعية يمكن أن يوجه فيها نشاط كل الناس من قوى مركزية، ولكي ينفذ هذا البرنامج حصل الحزب على كل الصناعات الكبرى لكي يتحكم في الإنتاج ويعطي العمالة للناس، وتنتج الصين كميات ضخمة من المحاصيل الزراعية؛ فهي أكبر منتج للأرز في العالم وأول أو ثاني دول العالم في إنتاج القمح، ومع ذلك تكاد لا تكفي الاستهلاك الداخلي لسكانها الذين يبلغون حوالي 650 مليونا، وإلى جانب إنتاج عال للقطن والحرير، تمتلك الصين بعض عناصر الصناعة الكبيرة، وعلى الأخص مواردها الهائلة من الفحم الذي لم يكد يمس بعد - إنتاج 1958 كان 150 مليون طن، ارتفع إلى 420 عام 1967.
أما الاتحاد السوفيتي فقد نشأ عن ضم عدة إمارات في النطاق الغابي من وسط روسيا، وأصبح اليوم أضخم دولة في العالم مساحة، تمتد كالقارة من البلطيق إلى الباسيفيك، ومن البحر الأسود إلى المحيط الشمالي، في مساحة تزيد قليلا عن 22 مليون كم
2 - منها 6 ملايين كم
2
تندرا وغابات - ويحتوي على 240 مليونا من الناس من سلالات عدة يتكلمون 140 لغة رسمية، يكون الروس 58٪ من السكان. والاتحاد السوفيتي سياسيا يتكون من اتحاد عدد من الجمهوريات والجمهوريات الذاتية، في داخلها يصبح الناس أحرارا في الإبقاء على لغتهم وتقاليدهم وطرق حياتهم، والرابطة التي توحدهم تبدو في ممثلي الحزب «الوطني» الشيوعي الذي يرأس كل الحكومات المحلية وعضو في الهيئة المركزية في موسكو.
فمنذ 1925 أخذت الدولة على عاتقها التعرف على مساحتها الشاسعة ومواردها واستغلالها، وقد وجدت في سيبيريا أراض جيدة لزراعة الحبوب والقطن، ومراع لتربية الماشية ومناجم كبيرة للذهب والحديد والفحم والبترول ومعادن أخرى عديدة، وهي واحدة من أكبر اثنين في إنتاج القمح في العالم، وتفوق الدول في إنتاج سكر البنجر، وتلي الولايات المتحدة
USA
في إنتاج الفحم والمعادن الحديدية، وثالثة دول العالم في الألومنيوم، والثالثة أو الرابعة في إنتاج البترول، وهكذا تمتلك من الموارد ما يمكنها من الانعزال عن العالم إذا رغبت في ذلك، ولا تزال التجارة السوفيتية محدودة، وتستهلك كامل إنتاجها من القمح الذي كان الصادر الأول في العهد القيصري، وتصنع منسوجاتها من مواردها المحلية، وكانت لفترة مستوردة للآلات، ولكنها اليوم تمتلك صناعة معدنية قوية، يمكنها أن تغطي احتياجاتها من الجرارات الزراعية والقاطرات والقضبان الحديدية والطائرات والسيارات، وبدأت تجد لها سوقا لبعض هذه المنتجات الصناعية، وتعتمد الدولة على قوتها الاقتصادية لتحسن تجارتها الدولية أكثر من محاولة مد نفوذها السياسي.
ولقد أدى إنشاء الدول الشيوعية - جمهوريات الشعب الديموقراطية - في أوروبا الشرقية والصين إلى تسهيل التبادل التجاري السوفيتي مع هذا الجزء من العالم، ويمكنها أن تحصل على الفحم من «بولندا» والبترول من «رومانيا وهنغاريا» ومصنوعات «تشيكوسلوفاكيا»، وتجد سوقا لمنتجاتها الحديدية والصلب في الصين، ولو كانت قد استطاعت أن تجذب الصين إلى اتحادها ، لكنا قد شهدنا أكبر وأقوى دولة قارية في التاريخ. وقد كان نموذج يوجسلافيا دليلا على أنه بالإمكان اتباع المبادئ الشيوعية دون الاندماج في نفوذ الاتحاد السوفيتي الاقتصادي، ولقد قلت الروابط الاقتصادية الملزمة بين الاتحاد والدول الأوروبية الشرقية في السنوات الأخيرة، كما أن الصين تتقدم بخطى هائلة نحو التصنيع والإنتاج الصناعي، ويمكنها أن تنافس السوفيت في سوق الشرق الأقصى بسهولة، وهو بذلك يضع حدا للتوسع السوفيتي.
نامعلوم صفحہ