صمت. كيف أسمح لهديل أن تربيها هذه المستهترة؟ وكيف لا أحمي سمعة شهاب أن يلوكها أصدقاؤه؟ وأنا، ما أنا؟ لأكن ما أكون، ولكن وجودي على أية حال قد يجعلها تتخفى فلا تتبجح. صمت، وطال الصمت، ولم أجد شيئا أقوله ولم تقل هي أيضا شيئا. صمت مطبق لم يتصل فيه حتى هذا الحديث الذي يمكن أن يدور بين اثنين صامتين في غرفة واحدة. صمت مطبق حتى لم يعد برأسي شيء أفكر فيه.
وسألت في لهجة أعرفها، وكأننا عدنا زوجين، بل كأننا ما افترقنا: هل سيارتك معك؟
صمت قليلا ثم قلت: نعم. - أنا بدون سيارة. سيارتي يصلحون لها الفرامل. - أرجو أن تصلح الفرامل. - هيا بنا.
وقمت مستسلما، وفي الطريق ملت إلى فندق هيلتون لأشتري تورته وجاتوه للأولاد، ونزلت معي إلى الفندق، وحين هممت أن أدفع الحساب وجدتني أخرج ظرفا من ظروف الست حميدة، وقالت تحية: أين محفظتك؟
ودون تفكير قلت: هكذا أسهل.
وبينما كانت البائعة تبحث عن باقي النقود رحت أفكر كيف أشتري بنقود الست حميدة حلوى لأولادي، ولكن ما البأس؟ إنني سأشتري لهما أشياء كثيرة بهذه النقود، فأنا قد عرفت مصيري وعرفت مصير أمهما. وكل ما أسعى له في الحياة ألا يعرف شهاب السيدة حميدة إلا كما كنت أعرفها أنا قبل الزواج، وألا تعرف هديل الست حميدة مطلقا. ولعلي بما اكتسبت من خبرة في الصحافة وفي المجتمع وفي حجرة تحية وفي حجرات حميدة، لعلي أستطيع أن أبلغ بابني وبابنتي إلى هذا الذي أصبو إليه.
نامعلوم صفحہ