فلسفی جڑیں بنیاد پرستی کے لئے
الجذور الفلسفية للبنائية
اصناف
وسيان أن ننظر إلى هذا المحور الأساسي في ضوء تشبيه الإطار، بحيث يكون هو الهيكل الذي تندرج «في داخله» كل التفاصيل ولا تفهم إلا من خلاله، أو في ضوء تشبيه النواه المركزية، بحيث تكون هذه التفاصيل دائرة «حوله» ومتجهة نحوه؛ فإن المهم في الأمر أن فهم هذا المحور أساسي من أجل الوصول إلى معني كل قضية من القضايا التي تثار في المذهب أو الأيديولوجية المعينة.
على أنه لا يتعين أن يكون المفكر على وعي بالإطار الإشكالي الذي يدور في داخله تفكيره، أو أن يصرح به في كتاباته بوضوح، بل إن هذه هي مهمة المفسر الذي ينبغي عليه أن يستخلصه من كتاباته بطريقة ضمنية، وأن يقرأ ما بين السطور، ولا يكتفي بما هو مصرح به. وفي كثير من الأحيان لا يكون السؤال الأساسي أو المحوري هو ذلك الذي «يبدو» بارزا في كتابات الفيلسوف. ففي كتاب «رأس المال» يبدو أن الفكرة الرئيسية هي فكرة العمل وعلاقته برأس المال، ولكن التفسير الصحيح في رأي ألتوسير ينبغي أن يرتكز على التقابل بين القيمة والقيمة الاستعمالية
valeur d’usage
وعلى فكرة فائض القيمة. ومن هاتين الفكرتين يستخلص «البناء» الأساسي الذي أخذ ماركس يطوره وينميه طوال الأجزاء الثلاثة من كتابه الرئيسي، بغض النظر عن الترتيب الفعلي الذي سار عليه من جزء إلى آخر.
هذا «البناء» المميز للماركسية ذو طابع موضوعي، أصبحت بفضله الماركسية «علما» بالمعنى الصحيح. أما تفسير الماركسية من خلال كتابات الشباب التي كانت تنظر إلى الإنسان بوصفه الموضوع الأساسي للبحث، وتعده المحرك الوحيد للتاريخ، وتركز جهودها على تحقيق صورة مثلى للإنسانية. فأقل ما يقال عنه إنه يصبغ الماركسية بصبغة رومانتيكية تضيع معها علميتها وموضوعيتها وانضباطها. فأصل البحث الماركسي ومحوره هو ذلك البناء الاجتماعي الاقتصادي الذي يحمل الإنسان في طياته. والذي يساعدنا - إذا شئنا - على أن نفهم الإنسان في داخله، وإن لم يكن مستمدا من المقولات الإنسانية؛ لأنه يتعلق بحقيقة مستقلة عنها، لها قوانينها الموضوعية، شأنها شأن أي بناء آخر . وكل تحليلات ماركس للصراع الطبقي من هذا النوع المرتكز على قوانين بنائية تنتمي إلى تركيب المجتمع ذاته، وتفرض نفسها على الإنسان.
ولكي يعمل ألتوسير حسابا لهذا البناء المعقد الذي هو محور التساؤل ومدار البحث عند ماركس، كان من الضروري أن يتجاوز المفهوم الساذج للحتمية الاقتصادية، الذي روجت له الماركسية العامية. فهذا التفسير الساذج يرد كل شيء إلى عامل واحد، هو العامل الاقتصادي، ويقول بوجود علاقة سببية مباشرة بين البناء الأدنى والبناء الأعلى، ويغفل التعقد الشديد للواقع، واستحالة تطبيق مثل هذه الحتمية المباشرة ذات الاتجاه الواحد في مجال معقد، كذلك الذي تصدت له الماركسية. وفي مقابل ذلك يقول ألتوسير إن نوع الحتمية الوحيد الذي يمكن تصوره في هذا المجال هو ما يسميه بالحتمية المتبادلة أو المقعدة
Surdétermination . فمن الخطأ في نظره تفسير ماركس على أساس القول بعنصر رئيسي ذي طبيعة اقتصادية تخضع له كل العناصر الأخرى التي تعد «ثانوية» بالقياس إليه، بل إن الحقيقة الأصلية معقدة بطبيعتها، والحتمية فيها متبادلة دون أفضلية لواحد من عناصرها على الآخرين. وهكذا يستخدم ألتوسير مقولة فكرية تلائم تعقد الموضوع الذي يبحثه، ويستعين بمعطيات ذهنية جديدة يراها أصلح للتعبير عن المعقولية الكامنة في الماركسية. وكما أن علماء الفيزياء أدركوا، في مطلع القرن العشرين، أن الحتمية المباشرة ذات الاتجاه الواحد لا تصلح للتعبير عن سلوك الجزئيات في المجال الذري، وأدخلوا مفاهيم جديدة تحفظ لهذا المجال طابعه الموضوعي، وتعمل في الوقت ذاته حسابا لتعقده وتشابكه، فكذلك يفسر ألتوسير الماركسية على أساس فكرة العلية المتعددة الجوانب، التي لا يكون فيها مركز مميز لأي عنصر بعينه من عناصرها. فالأسباب أو العلل في المجال الاجتماعي شديدة التعقيد، والحركة لا تتولد فيه عن طريق إضافة الأسباب بعضها إلى بعض خلال مسارها، وهي تمارس تأثيرها على المستويات المختلفة.
12
وبذلك يتسع نطاق المعقولية على نحو يتجاوز بكثير الفهم التقليدي للحتمية الاقتصادية.
وليس المرء بحاجة إلى تفكير طويل لكي يدرك مدى تأثير فكرة «البناء» على مفهوم «العلية المتبادلة» عند ألتوسير. فهذه الفكرة هي التي تتيح فهم التفاعلات المتبادلة الكثيرة التي تحدث على مستويات مختلفة للواقع الاجتماعي. ولا شك أن ألتوسير قد أضاف إلى الماركسية بعدا عميقا حين استخدم، في تفسيره الفلسفي، مفاهيم جديدة توصلت إليها البحوث العلمية المعاصرة، فاستطاع بذلك أن يحقق ما عجزت عنه أدوات التفكير الكلاسيكية، وتمكن من الإحاطة على نحو أكمل بالعلاقة البالغة التعقيد بين البناء الأدنى والبناء الأعلى، متجنبا ذلك التبسيط المخل الذي كانت الماركسية العامية مهددة دائما بالوقوع فيه.
نامعلوم صفحہ