ولم يكن هكسلي في كتابه هذا متفائلا كل التفاؤل بسيادة النظام الجديد؛ لأن العالم ما تزال به كثير من الشرور التي تفتك بمحاولات التقدم وبما تحرزه الشعوب من نعمة الحرية والاستقرار والاستقلال.
وفي قمة هذه الشرور نقمة المطامع المادية والاستعمار؛ ولذلك نرى هكسلي يتخيل في نهاية القصة بأن الطامعين من أهل الغرب يحيكون مع أحد الحكام المستبدين في بلد مجاور لبالا مؤامرة للاستيلاء عليها، فيدخل هذا الحاكم المستبد الجزيرة غازيا ليحكمها حكما مطلقا ويمنح المستثمر الأجنبي امتيازات يستولي بها على ثروة البلاد. وبهذا تنتهي القصة وتخضع أرض الأحلام إلى الواقع المرير.
ومما شجعني على القيام بترجمة هذا الكتاب هو تلك الدعوة التي ينطوي عليها إلى الأخذ بالعلم والإيمان، وإلى الجمع بين فلسفة الشرق الروحية وفلسفة الغرب المادية في كيان واحد، وهو ما نهدف إليه في نهضتنا الجديدة، وما يتطلع إليه المفكرون والمصلحون في العالم الحديث.
عندما نضع مثلا أعلى، لنا أن نفترض ما نشاء على أن نتجنب المستحيلات.
أرسطو
الفصل الأول
- انتباه!
بهذه الكلمة صاح المنادي، وكأن مزمارا قد نطق فجأة بصوت واضح. - انتباه، انتباه!
هكذا أخذ الصوت يكرر النداء بنفس النغمة العالية الرتيبة التي تخرج من الأنف.
وكان ويل فارنبي مستلقيا بين أوراق الأشجار الذابلة وكأنه جثة هامدة، شعره مشعث، ووجهه ملطخ بصورة بشعة، به كدمات ورضوض، وثيابه رثة ملوثة بالوحل، عندما تيقظ من غفوته مذعورا.
نامعلوم صفحہ