جوہر شفاف
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
اصناف
ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون(42)وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين(43)أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون(44)واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين(45)الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون(46) يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين(47)واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون(48) {ولا يلبسوا الحق بالباطل} أي: لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالباطل الذي تكتبونه بأيدكم من تبديل صفته وتغيير نعته {وتكتموا الحق} أي: ولا تكتموا الحق وهو عطف على النهي وكتمانهم الحق أن يقولوا لا نجد في التوراة صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو تمحوا ذلك أو تكتبوه على خلاف ما هو عليه {وأنتم تعلمون} أنه نبي مرسل قد أنزل عليكم ذكره في كتابكم فجحدتم نبوته مع العلم به، وهذا أقبح الجهل لأن الجهل القبيح ربما عذر راكبه {وأقيموا الصلاة} المفروضة {وأتو الزكاة} الواجبة من المال يعني صلاة المسلمين وزكاتهم {واركعوا مع الراكعين} أي: وصلوا مع المصلين وهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه في جماعة لا منفردين وقيل: الركوع الخضوع والانقياد لما يلزمهم في دين الله {أتأمرون الناس بالبر} كانت اليهود يقولون لأقربائهم من المسلمين إذا نصحوهم في السر أثبتوا على ما أنتم عليه ولم يؤمنوا فأنزل الله تعالى توبيخا لهم وتعجيبا من حالهم أتأمرون الناس بالبر أي بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم {وتنسون أنفسكم} أي: تتركونها من البر كالمنسيات ولا تأمرونها بذلك {وأنتم تتلون الكتاب} أي: تقرأون التوراة وفيها صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونعته والوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل، {أفلا تعقلون} أنه حق فاتبعوه وهذا توبيخ عظيم بمعنى أفلا تفطنون لقبح ما قدمتم عليه حتى كأنكم لا عقول لكم لأن العقول تأتي ذلك وتدمغه مما أمرهم الله بالصوم والصلاة لأنهم إنما كان يمنعهم عن الإسلام الشرة وفوق ذهاب ما كلمهم وحب الرئاسة فأمروا بالصوم الذي يذهب الشرة والصلة التي تورث الخشوع، وتنفي الكبر وأريد بالصلاة التي معها الإيمان ثم محمد صلى الله عليه وآله وسلم {واستعينوا بالصبر} وهو الصوم {والصلاة} لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وإنها {لكبيرة} أي: وأن الاستعانة بالصبر لكبيرة أي ثقيلة {على الخاشعين} أي: الساكنين إلى الطاعة وقيل: معناه استعينوا على حوائجكم إلى الله بالصبر والصلاة أي: بالجميع بينهما بأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة محتملين لمشاقها وما يجب فيها من خلاص القلب وحفظ النيات ودفع الوساوس ومراعات الأداب والاحتراس من المكان مع الخشية والخشوع واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السماوات ليسأل فك الرقاب عن سخطه وعذابه فإن الإنسان يتحرر من مناجات بعض الملوك الدنيا فكيف بمناجات ملك السموات والأرض، أو معناه استعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها والإلتجاء إلى الصلاة عند وقوعها، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أحزنه أمر فرغ إلى الصلاة.
صفحہ 53