فالجهل كالدواء الكشاف كالشافي لولا ما اندمج تحت أمواجه من علوم لا يدركها من سفن الأذكار، وأكثر في أصدافه من دروب لا تبلغها مغاصات الأنظار، حتى كادت تصرف الراغب عن مطالعته دقائقه، وتشق بالطالب لمفاتحته شقاشقه، وتدفع في صدر القاصد إليه متلاطمات أمواجه، وتغير في وجه المقبل عليه مهامة فجاجة، ورأيت نفوس الراغبين في التغيير تميل إلى التيسير والطالبين لعلمه العزيز تقع بالجلي اليسير، فالتقطت من مغاصات تبيانه ونثارات عقيانه، ما تجلى منها للعيان، واخترت من محرابه جمانه ولآلئ مرجانه ما لا يفتقر إلى بيان، ولم ألو جهدا في تسهيله وتقريبه، وتيسيره على الطالب وتمهيده بتفصيل عقود السؤالات وحل نظام تعقيد الجوابات، وإطراح جميع ما ورد من عامة القراءات ولم أخاف ترتيب الكشاف إلا باستكمال آيات القرآن، ولا حذفت من فوائده إلا ما استعجم على العامة من علم المعاني والبيان، مع زيادات حسنة في الترتيب مواقعها وتلفيقات في أثنائه لاقت مواضعها، وألحقت عقب كلامه في المسائل الفقهية، نبذة شافية عن مذاهب العترة النبوية، لتكون درة في وشاحه، وياقوتة متوقدة في رأس مصباحه، وسميته الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف، وأرجو أن تشتفي به نفوس الطالبين، وتهتز إلى قراءته واستماعه قلوب الراغبين، وما أعرفني بقصور باعي في هذا الباب، وضيق رباعي عن هذا الانتداب، لكن تعاميت عن قولهم ليس بعشك فأدرجي ونظرت إلى قولهم إنك من طير الله فانطقي، خلت الديار فسدت غير سود، ومن الشقاء تفردي بالسؤدد، وأنا أرغب إلى الله تعالى أن يجعل سعيي فيه خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله ويجعله ذخيرة لي عند تحزيبي بها في الآخرة ذات النعيم فهو العالم بمودعات السرائر وخفيات الضمائر، وأن يتغمدني بفضله ورحمته يتجاوز عني سعت جوده ومغفرته إنه سميع قريب وعليه أتوكل وإليه أنيب.
صفحہ 2