جواهر حسان في تفسير القرآن
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
اصناف
وقوله سبحانه فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحيوة الدنيا الآية حقر في الآية شأن المنافقين وعلل إعطاء الله لهم الأموال والأولاد بإرادته تعذيبهم بها في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال ابن زيد وغيره تعذيبهم بها في الدنيا هو بمصائبها ورزاياها هي لهم عذاب إذ لا يؤجرون عليها ومن ذلك قهر الشرع لهم على أداء الزكاة والحقوق الواجبات قال الفخر أما كون كثيرة الأموال والأولاد سببها للعذاب في الدنيا فحاصل من وجوه منها أن كلما كان حب الإنسان للشيء أشد وأقوى كان حزنه وتألم قلبه على فراقه أعظم وأصعب ثم عند الموت يعظم حزنه وتشتد حسرته لمفارقته المحبوب فالمشغوف بحب المال والولد لا يزال في تعب فيحتاج في اكتساب الأموال وتحصيلها إلى تعب شديد ومشقة عظيمة ثم عند حصولها يحتاج إلى متاعب أشد وأصعب في حفظها وصونها لأن حفظ المال بعد حصوله أصعب من اكتسابه ثم أنه لا ينتفع إلا بالقليل من تلك الأموال فالتعب كثير والنفع قليل ثم قال وأعلم أن الدنيا حلوة خضرة والحواس الخمس ماثلة إليها فإذا كثرت وتوالت استغرقت فيها وانصرف الإنسان بكليته إليها فيصير ذلك سببا لحرمانه من ذكر الله ثم أنه يحصل في قلبه نوع قسوة وقوه وقهر وكلما كان المال والجاه أكثر كانت تلك القسوة أقوى وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى إن الإنسان ليطغى إن رءاه استغنى فظهر أن كثرة الأموال والاولاد سبب قوي في زوال حب الله تعالى وحب الآخرة من القلب وفي حصول الدنيا وشهواتها في القلب وعند الموت كان الإنسان ينتقل من البستان إلى السجن ومن مجالسة الأقرباء والأحبة إلى موضع الغربة والكربة فيعظم تألمه ويقوى حزمنه ثم عند الحشر حلالها حساب وحرامها عقاب فثبت أن كثرة الأموال والأولاد سبب لحصول العذاب في الدنيا والآخرة انتهى ثم أخبر سبحانه أنهم ليسوا من المؤمنين وإنما هم يفزعون منهم والفرق الخوف
وقوله سبحانه لو يجدون ملجأ الملجأ من لجأ يلجأ إذا أوى واعتصم وقرأ الجمهور أو مغارات بفتح الميم وهي الغيران في أعراض الجبال أو مدخلا معناه السرب والنفق في الأرض وهو تفسير ابن عباس في هذه الألفاظ وقرأ جمهور الناس يجمحون ومعناه يسرعون قال الفخر قوله وهم يجمحون أي يسرعون إسراعا لا يرد وجوههم شيء ومن هذا يقال جمح الفرس وفرس جموح وهو الذي إذا حمل لم يرده اللجام انتهى وقوله عز وجل ومنهم من يلمزك الآية أي ومن المنافقين من يلمزك أي يعيبك ويأخذ منك في الغيبة ومنه قول الشاعر ... إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة ... وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه ...
ومنه قوله سبحانه ويل لكل همزة لمزة
صفحہ 135