جواهر حسان في تفسير القرآن
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
اصناف
وقوله سبحانه إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله هذه الآية والتي بعدها تتضمن ما كانت العرب عليه في جاهليتها من تحريم شهور الحل وتحليل شهور الحرمة وإذا نص ما كانت العرب تفعله تبين معنى الآيات فالذي تظاهرت به الروايات ويتخلص من مجموع ما ذكره الناس أن العرب كانت لا عيش لأكثرها إلا من الغارات وأعمال سلاحها فكانوا إذا توالت عليهم حرمة الأشهر الحرم صعب عليهم واملقوا وكان بنوفقيم من كنانة أهل دين في العرب وتمسك بشرع إبراهيم عليه السلام فانتدب منهم القلمس وهو حذيفة بن عبد فقيم فنسى الشهور للعرب ثم خلفه على ذلك بنوه وذكر الطبري وغيره أن الأمر كان في عدوان قبل بني مالك بن كنانة وكانت صورة فعلهم أن العرب كانت إذا فرغت من حجها جاء إليه من شاء منهم مجتمعين فقالوا إنسانا شهرا أي أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفر فيحل لهم المحرم فيغيرون فيه ثم يلتزمون حرمة صفر ليوافقوا عدة الأشهر الحرم الأربعة قال مجاهد ويسمون ذلك الصفر المحرم ثم يسمون ربيعا الأول صفرا وربيعا الآخر ربيعا الأول وهكذا في سائر الشهور وتجيء السنة من ثلاثة عشر شهرا أولها المحرم المحلل ثم المحرم الذي هو في الحقيقة صفر وفي هذا قال الله عز وجل إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا أي ليس ثلاثة عشر ثم كانت حجة أبي بكر في ذي القعدة حقيقة وهم يسمونه ذا الحجة ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في ذي الحجة حقيقة فذلك قوله عليه السلام أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان
وقوله في كتاب الله أي فيما كتبه وأثبته في اللوح المحفوظ أو غيره فهي صفة فعل مثل خلقه ورزقه وليست بمعنى قضائه وتقديره لأن تلك هي قبل خلق السماوات والأرض
وقوله سبحانه منها أربعة حرم نص على تفضيل هذه الأربعة وتشريفها قال قتادة اصطفى الله من الملائكة والبشر رسلا ومن الشهور المحرم ورمضان ومن البقع المساجد ومن الأيام الجمعة ومن الليالي ليلة القدر ومن الكلام ذكره فينبغي أن يعظم ما عظم الله
وقوله سبحانه ذلك الدين القيم قالت فرقة معناه الحساب المستقيم وقال ابن عباس فيما حكى المهدوي معناه القضاء المستقيم قال ع والاصوب عندي أن يكون الدين هاهنا على اشهر وجوهه أي ذلك الشرع والطاعة
وقوله فلا تظلموا فيهن أي في الاثنى عشر شهرا أي لا تظلموا أنفسكم بالمعاصي في الزمان كله وقال قتادة المراد الأربعة الأشهر وخصصت تشريفا لها قال سعيد بن المسيب كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرم القتال في الأشهر الحرم بما أنزل الله في ذلك حتى نزلت براءة
صفحہ 129