أما بعد أيها الأخ أشرق الله قلبي وقلبك بأنوار اليقين وجعلني وإياك من أوليائه المتقين الذين شرفهم بنزل قدسه وأوحشهم من الخليقة بأنسه وخصهم من معرفته ومشاهدة عجائب ملكوته وآثار قدرته بما ملأ قلوبهم حبره ووله عقولهم في عظمته حيره فجعلوا همهم به واحدا ولم يروا في الدارين غيره فهم بمشاهدة كماله وجلاله يتنعمون وبين آثار قدرته وعجائب عظمته يترددون وبالانقطاع إليه والتوكل عليه يتعززون لهجين بصادق قوله قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون فإني جمعت لنفسي ولك في هذا المختصر ما ارجو أن يقر الله به عيني وعينك في الدارين فقد ضمنته بحمد الله المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية وزدته فوائد جمة من غيره من كتب الأئمة وثقات أعلام هذه الأمة حسبما رأيته أو رويته عن الاثبات وذلك قريب من مائة تأليف وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين ومعدود في المحققين وكل من نقلت عنه من المفسرين شيئا فمن تأليفه نقلت وعلى لفظ صاحبه عولت ولم أنقل شيئا من ذلك بالمعنى خوف الوقوع في الزلل وإنما هي عبارات وألفاظ لمن أعزوها إليه وما انفردت بنقله عن الطبري فمن اختصار الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد اللخمي النحوي لتفسير الطبري نقلت لأنه اعتنى بتهذيبه وقد أطنب أبو بكر بن الخطيب في حسن الثناء على الطبري ومدح تفسيره وأثنى عليه غاية نسأل الله تعالى أن يعاملنا وإياهم برحمته وكل ما في آخره انتهى فليس هو من كلام ابن عطية بل ذلك مما انفردت بنقله عن غيره ومن أشكل عليه لفظ في هذا المختصر فليراجع الأمهات المنقول منها فليصلحه منها ولا يصلحه برأيه وبديهة عقله فيقع في الزلل من حيث لا يشعر وجعلت علامة التاء لنفسي بدلا من قلت ومن شاء كتبها قلت وأما العين فلابن عطية وما نقلته من الأعراب عن غير ابن عطية فمن الصفاقسي مختصر أبي حيان غالبا وجعلت الصاد علامة عليه وربما نقلت عن غيره معزوا لمن عنه نقلت وكل ما نقلته عن ابي حيان فإنما نقلي له بواسطة الصفاقسي غالبا قال الصقاقسي وجعلت علامة ما زدته على أبي حيان م وما يتفق لي إن أمكن فعلامته قلت وبالجملة فحيث أطلق فالكلام لأبي حيان وما نقلته من الأحاديث الصحاح والحسان عن غير البخاري ومسلم وأبي داوود والترمذي في باب الأذكار والدعوات فأكثره من النووي وسلاح المؤمن وفي الترغيب والترهيب وأحوال الآخرة فمعظمه من التذكرة للقرطبي والعاقبة لعبد الحق وربما زدت زيادات كثيرة من مصابيح البغوي وغيره كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى كل ذلك معزو لمحاله وبالجملة فكتابي هذا محشو بنفائس الحكم وجواهر السنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقد قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب التقصي وأولى الأمور بمن نصح نفسه والهم رشده معرفة السنن التي هي البيان لمجمل القرآن بها يوصل إلى مراد الله تعالى من عباده فيما تعبدهم به من شرائع دينه الذي به الابتلاء وعليه الجزاء في دار الخلود والبقاء التي لها يسعى الالباء العقلاء والعلماء الحكماء فمن من الله عليه بحفظ السنن والقرآن فقد جعل بيده لواء الإيمان فإن فقه وفهم واستعمل ما علم دعي في ملكوت السماوات عظيما ونال فضلا جسيما انتهى والله اسأل أن يجعل هذا السعي خالصا لوجهه وعملا صالحا يقربنا إلى مرضاته وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسميته بالجواهر الحسان في تفسير القرآن
صفحہ 5