وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ثم توعد سبحانه المنافقين والكافرين بجمعهم في جهنم فتأكد بذلك النهي عن مجالستهم وخلطتهم وقوله تعالى الذين يتربصون بكم الآية هذه صفة المنافقين ويتربصون بكم معناه ينتظرون دور الدوائر عليكم فإن كان فتح للمؤمنين ادعوا فيه النصيب بحكم ما يظهرونه من الإيمان وإن كان للكافرين نيل من المؤمنين ادعوا فيه النصيب بحكم ما يبطنونه من موالاة الكفار وهذا حال المنافقين ونستحوذ معناه نغلب على أمركم ونحوطكم ومنه استحوذ عليهم الشيطان معناه غلب على أمرهم ثم سلى سبحانه المؤمنين وأنسهم بما وعدهم به في قوله فالله يحكم بينكم يوم القيامة أي وبينهم وينصفكم من جميعهم وبقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا أي يوم القيامة قاله علي رضي الله عنه وعليه جميع أهل التأويل والسبيل هنا الحجة والغلبة قلت إلا ابن العربي لم يرتض هذا التأويل قال وإنما معنى الآية أحد ثلاثة وجوه الأول لن يجعل الله للكافرين علىالمؤمني سبيلا يمحو به دولة المؤمنين ويستبيح بيضتهم الثاني لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا إلا أن يتواصوا بالباطل ولا يتناهوا عن المنكر ويتباعدوا عن التوبة فيكون تسليط العدو من قبلهم وهذا نفيس جدا الثالث لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بالشرع فإن وجد ذلك فبخلاف الشرع ونزع بهذا علماؤنا بالاحتجاج على أن الكافر لا يملك العبد المسلم انتهى ومخادعة المنافقين هي لأولياء الله ففي الكلام حذف مضاف إذ لا يقصد أحد من البشر مخادعة الله سبحانه وقوله تعالى وهو خادعهم عبارة عن عقوبتهم سماها باسم الذنب وقال ابن جريج والحسن والسدي وغيرهم من المفسرين إن هذا الخدع هو أن الله تعالى يعطي لهذه الأمة يوم القيامة نورا لكل إنسان مؤمن أو منافق فيفرح المنافقون ويظنون أنهم قد نجوا فإذا جاءوا إلى الصراط طفىء نور كل منافق ونهض المؤمنون فذلك قول المنافقين انظرونا نقتبس من نوركم فذلك هو الخدع الذي يجري على المنافقين ثم ذكر سبحانه كسلهم في الصلاة وتلك حال كل من يعمل كارها غير معتقد فيه الصواب بل تقية أو مصانعة قال ابن العربي في أحكامه قوله تعالى ولا يذكرون الله إلا قليلا روى الأئمة مالك وغيره عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين
صفحہ 425