فهي الأمان لخائف ولعاكف ... فيها معاش ليس فيه معضل ... وفي الصحيح: ((اللهم إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة، وأنا حرمت ما بين لابتيها)) وعلى القول بأنها حرام فهي بريد في بريد، وذلك ما بين عير إلى ثور، وهذا بيان ما يحدها من الجنوب إلى الشمال، وهما مأزماها وما بين لا بتيها، أي: حرتيها الشرقية والغربية . ونظم من قال:
حرم المدينة حده فيما حكوا ... ... عير وثور قبلة وشمالا
واللابتان تحده يا ذا النهى ... ... شرقا وغربا فاعتمده مقالا
... مسألة: صح أنه - عليه وآله الصلاة والسلام - التفت إلى المدينة الشريفة وقال: ((إن الله تعالى قد برأ هذه الجزيرة من الشرك)) (4) قال بعضهم: قلت هنيئا لأهلها فإنهم برءاء من الشرك بشهادته(5) وقال بعضهم: هذا الأثر بشرى لهم بتسميتها دار الأبرار، ودار الأخيار، والعاصمة، والمرحومة، والمرزوقة، والناجية، والمقدسة، والجابرة، ودار السلام، وهذه أسماء لم تزدها معرفة، وإنما لذة ذكرناها .
وبالجملة فإن فضل المدينة لا ينكر، ومحاسنها الغراء لا تحصى، ولا تحصر، وجيران صاحب الحوض والكوثر المغفور من ذنبه ما تقدم وما تأخر، على يقين إن شاء الله تعالى من السلامة في المعاد، وثقة بالكرامة في يوم يقوم الأشهاد. وما أحسن ما قال:
تلك دار إن لم تكن هي ذات ... النفس مني فإنها مشتهاها
لو تمكنت أن أمضي بها العمر ... جميعا لما قصدت سواها
... وما أحسن ما قال الشيخ محمد البكري :
دار الحبيب أحق أن تهواها ... ... وتحن من طرب إلى ذكراها
وعلى الجفون متى هممت بزورة ... يا ابن الكرام عليك أن تغشاها
فلأنت أنت إذا حللت بطيبة ... وظللت ترتع في ظلال رباها
مغنى الجمال منى الخواطر والتي ... سلبت عقول العاشقين جلاها
لا تحسبن المسك الزكي كتربها ... هيهات أين المسك من رياها؟ !
طابت فإن تبغي التطيب يا فتى ... فأدم على الساعات لثم ثراها
صفحہ 16