[الصافات: 102] وما حكاه عن الكليم عليه السلام من قوله:
ستجدني إن شآء الله صابرا
[الكهف: 69] وقد صبر الذبيح لتواضعه بعد نفسه واحدا من جمع، ولم يصبر الكليم لإفراده نفسه مع أنهما قالا جميعا " إن شاء الله ".
رابعها: أن الإسلام دين وحدة واجتماع، وليس بدين تشتت وافتراق، ولأجل ذلك شرعت بعض العبادات تؤدي بطريقة جماعية لا على الانفراد، وفي المجيء بصيغة الجمع هنا في هذه السورة التي يجب على المسلم أن يكررها في كل ركعة من ركعات الصلاة التي هي أهم عبادة في الإسلام تذكير بواجب الترابط بين المسلمين وإيقاظ لمشاعر الأخوة والمودة بينهم.
الرابع:- في تكرار { إياك } وفيه آراء:-
أولها: أنه للتنصيص على أن طلب العون منه تعالى فإنه لو قال: { إياك نعبد ونستعين } لاحتمل أن يكون إخبارا عن طلب العون من غير تعيين للجهة المطلوب منها.
ثانيها: أن العبادة هي قربة إلى الله تعالى ولو لم تكن مقرونة بالاستعانة، والاستعانة كذلك ولو لم تكن في حال العبادة، ولو أفرد ذكر الضمير لأوهم أنه لا يتقرب إليه إلا بالجمع بينهما.
ثالثها: أن في التكرار تعليما للناس بأن يجددوا ذكر الله عند كل حاجة تعن.
الخامس: في إطلاق الاستعانة وعدم تقييدها بمستعان فيه معين، وقد ذكروا لذلك نكته وهي قصد العموم لاحتمال دخول كل ما يستعان عليه، والفعل المثبت وإن كان له حكم الإطلاق المخالف لحكم العموم في عدم احتوائه جميع أفراد مدلولات لفظه دفعة واحدة، فإنه بعدم تقييده يقضي باحتمال قصد أي فرد من أفراد تلك المدلولات، ومن جهابذة المفسرين من يرى أن الاستعانة هنا ليست على إطلاقها وإنما هي محصورة في العبادة، وممن جنح إلى هذه العلامة الزمخشري في كشافه حيث جعل الاستعانة مبهمة أوضحها قول الله تعالى فيما بعد: { اهدنا الصراط المستقيم } فكأنما المستعينون سئلوا من قبل العلي الأعلى: كيف أعينكم؟ فقالوا: إهدنا الصراط المستقيم.
واللائق بعقيدة التوحيد عموم الاستعانة في كل ما يطلب العون فيه وهذا لا يمنع أن تكون العبادات داخلة من باب الأولوية فيما يستعان فيه، وقد أسلفنا حديث ابن عباس رضي الله عنهما الدال على الاستعانة بالله شاملة لكل ما يطلب فيه العون، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العون من الله في أداء العبادة، فقد أخذ يوما بيد معاذ رضى الله عنه وقال:
نامعلوم صفحہ