جواهر التفسير
جواهر التفسير
اصناف
ومنهم من أعربه خبرا مقدما لمبتدأ مؤخر، أي سواء عليهم إنذارك وعدمه، وهو المشهور على الألسنة، وأورد عليه أمور:
أولها: أن الفعل يسند ولا يسند إليه.
ثانيها: أن الاستفهام له صدر الكلام، وهذا الاعراب يبطل ذلك.
ثالثها: أن الهمزة وأم موضوعان لأحد أمرين، ولفظ سواء لا يدل على مفرد، لأنه بمعنى الاستواء وهو يقتضي الاشتراك، ولذلك يقال استوى وجوده وعدمه، ولا يقال أو عدمه.
رابعها: أن تقديمه مع تقديره خبرا يؤدي إلى التباس المبتدأ بالفاعل فلا يصح.
وأجيب عن الأول بأنه من جنس الكلام الذي يهجر فيه جانب اللفظ إلى جانب المعنى، ومثله شائع عند العرب، كقولهم لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فإن إجراءه على ظاهره يستلزم عطف الاسم المنصوب على الفعل، بل المفرد على جملة لا محل لها
وعن الثاني والثالث: بأن الهمزة وأم قد جردا هنا عن معنى الاستفهام عن أحد الأمرين ولأجل استوائهما في علم المستفهم جعلا مستويين في تعلق الحكم بهما حتى قيل إنهما تجوز بهما عن معنى الواو العاطفة الدالة على اجتماع متعاطفيها في نسبة ما من غير ملاحظة تقدم أو تأخر، وحاصل هذا الجواب أنهما يدلان على الاشتراك فقط ولا ملاحظة فيهما للاستفهام.
وأجيب عن الرابع: بأن الالتباس إنما يحصل في الخبر الفعلي نحو زيد قام، وإذا لم يمتنع تقديمه وهو صفة صريحة فعدم امتناعه هنا أولي.
واستظهر ابن عاشور أن المبتدأ بعد سواء مقدر يدل عليه الاستفهام الواقع معه وأن التقدير سواء جواب { أأنذرتهم أم لم تنذرهم } ، ومثل لذلك بقول القائل: علمت أزيد قائم، فإن تقديره علمت جواب هذا السؤال، وهذا الاعراب مبين للمعني المراد غير أنه لا يتفق مع أصول الفن. وأجيز جعل سواء مبتدأ واقعا لفاعل سد مسد الخبر، لأن سواء بمعنى مستو فهو كاسم الفاعل، فلذلك أعطى حكمه في رفع الفاعل الساد مسد خبر المبتدأ.
ومهما يكن الاعراب فإن الآية تفيد عدم جدوى الانذار في هؤلاء الناس، فلذلك تساوى مع عدمه.
نامعلوم صفحہ