153

" تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم يتحدث حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان ثم يقوم فينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا "

، وأخرج الجماعة إلا البخاري وابن ماجة معناه عن أنس أيضا، وفي حديث أنس كذلك عن الربيع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؛ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك الرباط "

قالها ثلاثا.

أثر الصلاة في تهذيب النفوس:

وإذا كانت العبادات المتنوعة التي شرعت في الإسلام ذات أثر عميق في الإصلاح النفسي والاجتماعي، وتنوير الفكر، وتهذيب الأخلاق، وإمداد العقيدة بالطاقات التي تمكنها من الهيمنة على العقل والقلب والروح والجسم والعواطف والغرائز، فإن الصلاة أعمق أثرا وأغزر عطاء، ولذلك شرعت متكررة في كل يوم دون غيرها، وهي بهذا التكرار تسد جانبا مهما من الفراغ الروحي، ذلك لأن للروح مطالب كمطالب الجسم، وقد هيأ الله سبحانه لكل منهما مطالبه بحسب مقتضى ضرورته إليها، فالجسم الحي أحوج ما يكون إلى الهواء فالماء فالطعام فالدواء، وكل ما كانت الحاجة إليه أدعى كان أيسر من غيره، فالهواء أيسر من الماء، والماء أيسر من الطعام، والطعام أيسر من الدواء، وذلك مثل مطالب الروح، وهي العبادات المشروعة، فما كانت الضرورة إليه أبلغ كانت ممارسته أيسر، ومن هنا كرر وجوب الصلاة في اليوم، وجعلت أيسر من سائر العبادات كالصيام والزكاة والحج.

حكمة مشروعية الصلاة:

ومعرفة حكمة مشروعية الصلاة موقوفة على إخبار الشارع الحكيم تعالى عنها، وفي كتاب الله المبين وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يغنينا عن التخمين في ذلك، فإذا تأملنا آي الذكر الحكيم وطالعنا مدونات السنة النبوية خرجنا بدليل قاطع على أن الصلاة إنما شرعت لذكر الله تعالى الذي يترتب عليه محق السيئات وتثبيط العزائم عنها، وتقوية عزائم الخير، وتواصل قلوب المؤمنين برباط الايمان، وذلك فيما إذا حافظ عليها العبد وأداها على النهج المشروع، ومن الآيات الواضحة في ذلك قوله تعالى:

وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشآء والمنكر

[العنكبوت: 45]، وقوله:

نامعلوم صفحہ