جواہر الحسان فی تفسیر القرآن
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
اصناف
إذا حضر أحدكم الموت
[البقرة:180]، واختلف القراء في قراءة قوله تعالى: { أو ننسها } فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «ننسأها»؛ بنون مفتوحة، وأخرى ساكنة، وسين مفتوحة، وألف بعدها مهموزة، وهذا بمعنى التأخير، وأما قراءة نافع والجمهور: «ننسها»؛ من النسيان، وقرأت ذلك فرقة إلا أنها همزت بعد السين، فهذه بمعنى التأخير والنسيان في كلام العرب يجيء في الأغلب ضد الذكر، وقد يجيء بمعنى الترك، فالمعاني الثلاثة مقولة في هذه القراءات، فما كان منها يترتب في لفظة النسيان الذي هو ضد الذكر، فمعنى الآية به: ما ننسخ من آية أو نقدر نسيانك لها، فإنا نأتي بخير منها لكم أو مثلها في المنفعة، وما كان على معنى الترك، أو على معنى التأخير، فيترتب فيه معان، انظرها، إن شئت فإني آثرت الاختصار.
* ع *: والصحيح أن نسيان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الله أن ينساه، ولم يرد أن يثبته قرآنا - جائز، فأما النسيان الذي هو آفة في البشر، فالنبي صلى الله عليه وسلم معصوم منه قبل التبليغ، وبعد التبليغ، ما لم يحفظه أحد من أصحابه، وأما بعد أن يحفظ، فجائز عليه ما يجوز على البشر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ، وأدى الأمانة؛ ومنه الحديث،
" حين أسقط آية، فلما فرغ من الصلاة قال: «أفي القوم أبي؟ قال: نعم، يا رسول الله، قال: فلم لم تذكرني؟ قال: حسبت أنها رفعت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لم ترفع، ولكني نسيتها» ".
وقوله تعالى: { ألم تعلم }: معناه: التقرير، ومعنى الآية أن الله تعالى ينسخ ما شاء، ويثبت ما شاء، ويفعل في أحكامه ما شاء، هو قدير على ذلك، وعلى كل شيء، وهذا لإنكار اليهود النسخ، وقوله: { على كل شيء } عموم، معناه الخصوص، إذ لا تدخل فيه الصفات القديمة؛ بدليل العقل، ولا المحالات؛ لأنها ليست بأشياء، والشيء في كلام العرب: الموجود، و { قدير }: اسم فاعل على المبالغة، قال القشيري: وإن من علم أن مولاه قدير على ما يريد، قطع رجاءه عن الأغيار؛ كما قال تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -:
ربنا إني أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع
[إبراهيم:37] قال أهل الإشارة: معناه: سهلت طريقهم إليك، وقطعت رجاءهم عن سواك، ثم قال:
ليقيموا الصلوة
[إبراهيم:37] أي: شغلتهم بخدمتك، وأنت أولى بهم،
فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم
نامعلوم صفحہ