جواہر الحسان فی تفسیر القرآن
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
اصناف
وقوله تعالى: { أتأمرون } خرج مخرج الاستفهام، ومعناه التوبيخ، و «البر» يجمع وجوه الخير والطاعات، و { تنسون } معناه تتركون أنفسكم.
قال ابن عباس: كان الأحبار يأمرون أتباعهم ومقلديهم باتباع التوراة، وكانوا هم يخالفونها في جحدهم منها صفة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقالت فرقة: كان الأحبار إذا استرشدهم أحد من العرب في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، دلوه على ذلك، وهم لا يفعلونه.
* ت *: وخرج الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في كتاب «رياضة المتعلمين»؛ قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا أبو النضر، حدثنا محمد بن عبد الله بن علي بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: الخطباء من أمتك الذين يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون "
انتهى.
{ واستعينوا بالصبر والصلوة }: قال مقاتل: معناه: على طلب الآخرة، وقيل: استعينوا بالصبر على الطاعات، وعن الشهوات على نيل رضوان الله سبحانه، وبالصلاة على نيل رضوان الله، وحط الذنوب، وعلى مصائب الدهر أيضا؛ ومنه الحديث:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة "
، ومنه ما روي أن عبد الله بن عباس نعي له أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع، وتنحى عن الطريق، وصلى، ثم انصرف إلى راحلته، وهو يقرأ: { واستعينوا بالصبر والصلوة } ، وقال مجاهد: الصبر في هذه الآية الصوم، ومنه قيل لرمضان شهر الصبر، وخص الصوم والصلاة على هذا القول بالذكر؛ لتناسبهما في أن الصيام يمنع الشهوات، ويزهد في الدنيا، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتخشع، ويقرأ فيها القرآن الذي يذكر بالآخرة، وقال قوم: الصبر على بابه، والصلاة الدعاء، وتجيء الآية على هذا القول مشبهة لقوله تعالى:
إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله
نامعلوم صفحہ