321

جواہر الحسان فی تفسیر القرآن

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

اصناف

وقرأ الجمهور: «يخوف أولياءه»، قال قوم: معناه: يخوف المنافقين، ومن في قلبه مرض، وحكى أبو الفتح بن جني، عن ابن عباس؛ أنه قرأ «يخوفكم أولياءه»، فهذه قراءة ظهر فيها المفعولان، وهي مفسرة لقراءة الجماعة، وفي قراءة أبي بن كعب: «يخوفكم بأوليائه»، وفي كتاب «القصد إلى الله تعالى»؛ للمحاسبي، قال: وكلما عظمت هيبة الله عز وجل في صدور الأولياء، لم يهابوا معه غيره؛ حياء منه عز وجل أن يخافوا معه سواه. انتهى.

وقوله سبحانه: { ولا يحزنك الذين يسرعون فى الكفر } ، والمسارعة في الكفر: هي المبادرة إلى أقواله وأفعاله، والجد في ذلك، وسلى الله تعالى نبيه عليه السلام بهذه الآية عن حال المنافقين والمجاهرين؛ إذ كلهم مسارع، وقوله تعالى: { إنهم لن يضروا الله شيئا }: خبر في ضمنه وعيد لهم، أي: وإنما يضرون أنفسهم، والحظ: إذا أطلق، فإنما يستعمل في الخير، وقوله سبحانه: { ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم }: نملي: معناه: نمهل ونمد في العمر، والمعنى: لا تحسبن إملاءنا للذين كفروا خيرا لهم، فالآية رد على الكفار في قولهم: إن كوننا ممولين أصحة دليل على رضا الله بحالتنا.

[3.179-180]

وقوله تعالى: { ما كان الله ليذر } ، أي: ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين، مشكلا أمرهم؛ حتى يميز بعضهم من بعض؛ بما يظهره من هؤلاء وهؤلاء في «أحد» من الأفعال والأقوال، هذا تفسير مجاهد وغيره.

وقوله: { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } ، أي: في أمر أحد، وما كان من الهزيمة وأيضا: فما كان الله ليطلعكم على المنافقين تصريحا وتسمية لهم، ولكن بقرائن أفعالهم وأقوالهم.

قال الفخر: وذلك أن سنة الله جارية بأنه لا يطلع عوام الناس على غيبه، أي: لا سبيل لكم إلى معرفة ذلك الإمتياز إلا بامتحانات؛ كما تقدم، فأما معرفة ذلك على سبيل الإطلاع من الغيب، فهو من خواص الأنبياء، فلهذا قال تعالى: { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء }. انتهى.

وقال الزجاج وغيره: روي أن بعض الكفار قال: لم لا يكون جميعنا أنبياء، فنزلت هذه الآية، و { يجتبي }: معناه: يختار ويصطفي، وقوله سبحانه: { ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتهم الله من فضله } الآية: قال السدي وجماعة من المتأولين: الآية نزلت في البخل بالمال، والإنفاق في سبيل الله، وأداء الزكاة المفروضة، ونحو ذلك، قال: ومعنى: { سيطوقون ما بخلوا به } هو الذي ورد في الحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:

" ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه، فيسأله من فضل عنده، فيبخل عليه إلا أخرج له يوم القيامة شجاع من النار يتلمظ؛ حتى يطوقه "

، قلت: وفي البخاري وغيره، عنه صلى الله عليه وسلم قال:

" من آتاه الله مالا، فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه، يعني: شدقيه، يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية: { ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتهم الله من فضله... } "

نامعلوم صفحہ