254

جواہر الحسان فی تفسیر القرآن

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

اصناف

، وقد اختلفت ألفاظ هذا الحديث، والمعنى واحد؛ كما ذكرته، قال النووي: باب ما يقال عند الولادة: روينا في كتاب ابن السني، عن فاطمة (رضي الله عنها)؛ " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما دنا ولادها، أمر أم سلمة، وزينب بنت جحش؛ أن تأتياها، فتقرآ عندها آية الكرسي، و { إن ربكم الله... } إلى آخر الآية، وتعوذانها بالمعوذتين«. انتهى.

وقوله تعالى: { فتقبلها ربها بقبول حسن }: إخبار منه سبحانه لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ بأنه رضي مريم لخدمة المسجد؛ كما نذرت أمها وسنى لها الأمل في ذلك.

وقوله سبحانه: { وأنبتها نباتا حسنا }: عبارة عن حسن النشأة في خلقة وخلق.

* ص *: { بقبول } مصدر على غير الصدر، والجاري على: تقبل تقبلا، وعلى قبل قبولا، و { نباتا }: مصدر منصوب ب «أنبتها»؛ على غير الصدر. انتهى.

وقوله تعالى: { وكفلها زكريا } معناه: ضمها إلى إنفاقه وحضنه، والكافل: هو المربي، قال السدي وغيره: إن زكريا كان زوج أختها؛ ويعضد هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في يحيى وعيسى: «ابنا الخالة»، والذي عليه الناس: أن زكريا إنما كفلها بالاستهام؛ لتشاحهم حينئذ فيمن يكفل المحرر.

وقوله تعالى: { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا }: المحراب: المبنى الحسن، ومحراب القصر: أشرف ما فيه؛ ولذلك قيل لأشرف ما في المصلى؛ وهو موقف الإمام: محراب، ومعنى { رزقا } ، أي: طعاما يتعذى به، لم يعهده، ولا عرف كيف جلب إليها، قال مجاهد وغيره: كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، ونحوه عن ابن عباس إلا أنه قال: ثمار الجنة، وقوله: { أنى }: معناه: كيف، ومن أين، وقولها: { من عند الله } دليل على أنه ليس من جلب بشر، قال الزجاج. وهذا من الآية التي قال الله تعالى:

وجعلنها وابنها ءاية للعلمين

[الأنبياء:91] وقولها: { إن الله يرزق من يشاء بغير حساب }: تقرير لكون ذلك الرزق من عند الله، وذهب الطبري إلى أن ذلك ليس من قول مريم، وأنه خبر من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه لا تنتقص خزائنه، فليس يحسب ما خرج منها، وقد يعبر بهذه العبارة عن المكثرين من الناس؛ أنهم ينفقون بغير حساب، وذلك مجاز وتشبيه، والحقيقة هي فيما ينتفق من خزائن الله سبحانه ، قال الشيخ ابن أبي جمرة (رضي الله عنه)، وقد قال العلماء في معنى قوله عز وجل: { إن الله يرزق من يشاء بغير حساب }: إنه الفتوح، إذا كان على وجهه. اه، ذكر هذا عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم:

" لو دعيت إلى ذراع أو كراع، لأجبت ".

وقوله تعالى: { هنالك دعا زكريا ربه } هنالك؛ في كلام العرب: إشارة إلى مكان أو زمان فيه بعد، ومعنى هذه الآية: إن في الوقت الذي رأى زكرياء رزق الله لمريم ومكانتها من الله، وفكر في أنها جاءت أمها بعد أن أسنت، وأن الله تعالى تقبلها، وجعلها من الصالحات، تحرك أمله لطلب الولد، وقوي رجاؤه، وذلك منه على حال سن ووهن عظم، واشتعال شيب، فدعا ربه أن يهب له ذرية طيبة يرثه، والذرية: اسم جنس، يقع على واحد فصاعدا؛ كما أن الولد: اسم جنس كذلك، وطيبة: معناه: سليمة في الخلق والدين، تقية، ثم قال تعالى:

نامعلوم صفحہ