وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ مَعَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ ; لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى إِمْكَانِ انْشِقَاقِ الْأَفْلَاكِ، وَانْفِطَارِهَا الَّذِي هُوَ قِيَامُ السَّاعَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ آيَةٌ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ ذِكْرِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى، كَمَا فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ ذَكَرَ فِي أَوَّلِهَا الْقِيَامَةَ الْكُبْرَى، وَفِي آخِرِهَا الْقِيَامَةَ الصُّغْرَى، وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي سُوَرِ الْقُرْآنِ مِثْلَ سُورَةِ ق، وَسُورَةِ الْقِيَامَةِ، وَسُورَةِ التَّكَاثُرِ، وَسُورَةِ الْفَجْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدِ اسْتَفَاضَتِ الْأَحَادِيثُ بِانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ، وَفِرْقَةً دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اشْهَدُوا، وَفِي لَفْظٍ وَنَحْنُ مَعَهُ بِمِنًى، فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ سَحَرَكُمُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ مُحَمَّدًا إِنْ كَانَ سَحَرَ الْقَمَرَ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ مِنْ سِحْرِهِ أَنْ يَسْحَرَ الْأَرْضَ كُلَّهَا، فَاسْأَلُوا مَنْ يَأْتِيكُمْ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ، هَلْ رَأَوْا هَذَا؟ فَأَتَوْا فَسَأَلُوهُمْ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا مِثْلَ ذَلِكَ.